
في قلب العاصفة، وسط محيطٍ هائجٍ يزأر بأمواجه المتلاطمة، كانت السفينة العملاقة تصارع قدرها المحتوم، تتأرجح تحت وطأة الأعاصير الغاضبة حتى انشقت عليها المياه وابتلعتها في جوفها المظلم. وعلى سطحها الغارق، علت صرخةُ طفلةٍ صغيرة، لكنها سرعان ما تلاشت، غارقةً بين الدوامات العنيفة، بينما كانت ذراعا أمها تحيطان بها بيأسٍ مرير، تحاول جاهدةً إبقاءها فوق سطح الماء. غير أن البحر لا يرحم، ومياهه المالحة اختلطت بدموعها حتى بات من المستحيل تمييزها. وفي مكانٍ ليس بعيدًا عن المأساة، جلس الشيطان في الهواء، متكئًا بغير اكتراث، لا تطاله الفوضى التي تجتاح المكان. كان يراقب المشهد بعينين غامضتين، حتى نطقت الأم بصوتٍ مخنوق، تحدّق به برجاءٍ يائس: "أنقذها! أرجوك، خذ كل شيء... خذ روحي، عمري، حياتي كلها، لكن أنقذها!" لمعت عيناه بشيءٍ من السخرية وهو يميل رأسه قليلاً، متأملًا توسلاتها، قبل أن يتحدث ببرود: "هذا لا يكفي... ايتها المسكينه ، لكن..... سأعقد معكِ صفقة... على مزاجي." وفجأة، تبدّل كل شيء. لم يعد هناك محيطٌ غاضب، ولا سفينةٌ غارقة، ولا عاصفةٌ تزأر. لم تكن الأم سوى ظلٍّ تلاشى في العدم، ولم تبقَ سوى الطفلة، تلك الصغيرة التي انتُزِعت من الموت لتُلقى في مصيرٍ آخر أكثر ظلامًا. حين فتحت عينيها، لم تجد نفسها على أرضٍ مAll Rights Reserved
1 part