هناك لحظات تمر فيها الأشياء دون تفسير... ومتى بدأت الأمور في الانحراف عن المألوف، لم يعد من السهل تحديد متى بدأ كل شيء.
في البداية، كانت مجرد تفاصيل صغيرة: نسيان مؤقت، إحساس خافت بالمراقبة، وانعكاس في المرآة بدا... مختلفًا. لكن مع مرور الوقت، أصبحت هذه التفاصيل أكثر وضوحًا وأكثر إلحاحًا.
هناك آثار على الجسد لا يُعرف مصدرها، وأصوات هامسة في أعماق الليل لا يمكن إنكارها. أشياء تُحرّك دون أن يمسّها أحد. ورغم كل ذلك، هناك أمر أكثر رعبًا: الشعور بأنك لست وحدك... حتى عندما تكون كذلك.
لكن كيف يمكن مواجهة شيء لا يراه أحد؟
وكيف تثق في عقلك... عندما يبدأ بخيانتك؟
في عالم ضبابي حيث تتلاشى الحدود بين الواقع والهلوسة، يصبح السؤال الأكثر إلحاحًا:
هل كل هذا يحدث داخل العقل... أم أن هناك شيئًا آخر يسكن في مكان أعمق؟
لطالما كنت أؤمن بأن لكل جرح علاج، حتى دخلت المصحة. هناك، عند عتبة الغرفة الأخيرة، أدركت أن بعض الجروح... لا تندمل.
كانت جدران المصحة تشهد على قصص خفية، أصوات مكتومة تتردد بين الزوايا، ووجوهًا شاحبة تتوارى خلف الأبواب المغلقة. لكن كيليان... كان مختلفًا. نظرة واحدة في عينيه المزدوجتي اللون، كافية لتشعرني بأن هذا الرجل يحمل في داخله ما لا يستطيع أحد لمسه أو مداواته.
كيف لي أن أكون الممرضة التي تستطيع الوصول إلى أعماقه؟ هل حقًا أملك القوة على مواجهة الظلام الذي يحيط به؟ أم أنني مجرد شاهدة على قصة انطفأت فيها كل الأنوار، وتركت خلفها شبحًا لا يمكن لأحد إنقاذه؟
أكتوبر؛ ٢٠٢٤.