
**مقدمة نقدية: "سرد الجريمة كمرآة للهشاشة الإنسانية"** في عالمٍ تُختَزَل فيه الروايات البوليسية غالباً إلى مُجرّد ألغاز تُحَلُّ بنهايات مُعلَّبة، تأتي هذه السلسلة القاتمة لِتُعيد تعريف الجريمة كفنٍّ وجودي. عبر سردٍ يشتبك مع أعماق النفس البشرية بلغةٍ تختلط فيها الدارجة المغربية بجماليات الشعر الأسود، ينسج الكاتب عالماً موازياً حيث يصير القاتل المُتسلسل ليس مجرد "شرير" تقليدي، بل مُنَظِّراً مرعباً يطرح أسئلةً عن هشاشة الأخلاق، وعبثية المحاولات الإنسانية لفهم الشر. ما يُميّز هذه الحكاية هو تَجَذُّرها في التربة الثقافية المغربية، حيث تتحول زنقة لويشة المظلمة أو عيادة الطبيب النفسي إلى مسرحٍ لصراعٍ كوني بين الظلام المُؤسسِس في الذات والضوء الزائف للمجتمع. القاتل هنا ليس كائناً خارقاً، بل هو ابنٌ شرعي لِمجتمعٍ يلد تناقضاته في صمت، مُستخدِماً أدواته اليومية (المشرط، المرآة، شريط التسجيل) كرموزٍ لتفكيك الخطاب الأخلاقي السطحي. اللغة نفسها تتحول إلى جريمة: فبينما تُكتَب رسائل القاتل بدم الضحايا، تُكتَب الحكاية بلغةٍ ترفض الانصياع لقواعد السرد الكلاسيكي، متلاعبةً بالزمن، مُحوِّلة القارئ إلى شريكٍ في الجريمة عبر إرباك الحدود بين الراوي والضحية. هذه ليست مجرد قصة عن قاتلٍ مُتسلسل،All Rights Reserved