في أحد الأزقة المنسية على هامش المدينة، نشأت فتاة يتيمة لا تعرف للدفء معنى، فقدت والديها في حادثٍ غامض لم يُفهم حتى اليوم، وكل من حولها اكتفوا بالهمس والتهرّب حين يُذكَر ما جرى. لم تجد حضنًا يحتويها، بل انتقلت من يدٍ لأخرى، بين قسوة الأقارب واستغلال الأوصياء، حتى صار الصمت ملاذها، والدموع لغتها الوحيدة. كانت الحياة تُربّيها على القسوة، لكن قلبها لم يتعلّم سوى الحب. رغبت أن تُحب وتُحب، أن تجد من يُنصت لوجعها دون مقابل، أن ترى النور بعد كل هذا الظلام. لكنها في اللحظة التي اعتقدت فيها أن الأقدار منحتها فرصة، اكتشفت أن حتى الحب قد يكون خديعة متنكرة. ثقة بُنيت بشق الأنفاس، خذلها أقرب الناس. وجدت نفسها وحيدة مرة أخرى، ليس بفعل الموت هذه المرة، بل بفعل الخيانة. حتى الحنان الذي ظنّت أنه حقيقة، لم يكن سوى ظلٍّ لكذبة كبرى، تعود جذورها إلى ماضٍ مخفيٍّ مليء بالأسرار. وكلما حاولت الاقتراب من الحقيقة، واجهتها وجوه تتقن الكذب، وقلوب لا تعرف إلا المصلحة طريقاً. تسير بخطى متعبة في حياة لا تعرف لها معنى، تتعثر بين ألم الذكرى ووحشة الحاضر، تبحث عن إجابة، عن حنانٍ لم تعرفه، عن وجهٍ لا يخون، عن حضنٍ لا يغيب. لكنّ الغموض يزداد، والوجع لا يرحم، والفقد صار صديقاً لا يفارقها.All Rights Reserved
1 part