كانوا يتهامسون خلف ظهورنا،
ثم رفعوا أصواتهم حتى باتت أكاذيبهم تروى كحقائق،
وكلما حاولنا الدفاع، ازدادوا هجراً... كأنهم يتغذون على سقوطنا.
الأبواب التي كنا نطرقها بحسن نية،
أغلقت في وجوهنا بصمتٍ جارح،
وكل الوجوه التي اعتدنا أن نبتسم لها... تراجعت،
كأن الاتهام وصمة تنقل بالعين، لا بالفعل.
لم يسأل أحد: "هل فعلتم؟"
بل قالوا: "لا دخان بلا نار"،
ونسوا أن هناك نارًا تشعلها الألسن، لا الأفعال.
صرنا نكابر، نتصنع ال قوة،
نمشي بين الناس كأحياءٍ بلا أصوات،
لكننا لم نمت...
نحن الذين ظنوا أنهم دفنونا تحت ركام الظلم،
نهضنا ببطء،
نحمل وجعنا كراية...
ولأننا ضحايا الاتهام،
لن نطلب إنصافاً من أحد،
لكننا سنروي الحكاية... كما عشناها،
بوجعها، بحقيقتها، وبكل ما خفي عنهم.
في كل بيتٍ نروي فيه الحكايات،
ثمة زاوية مظلمة لا تروى،
وثمة يدٌ ناعمة تخفي سُمّها خلف ابتسامةٍ مألوفة.
هذه ليست قصة فتاةٍ قررت أن تنتقم،
ولا حكاية مظلومٍ يبحث عن شفقة،
بل اعترافٌ نُقش على جدار الروح،
بدموعٍ جفّت قبل أن تُمسح،
وبصوتٍ ظلّ صامتًا لسنوات... ثم انفجر.
أنا التي كُنت أظن الأمان وجهًا للأهل،
ثم اكتشفت أن الذئاب قد ترتدي ملامح الأحبّة.
كل لحظة صمت... كل لمسة لم تُفهَم... كل نظرة مرت كأنها عادية -
كانت جريمة مغلّفة بالاعتياد.
هذه رواية طفلة واجهت الليل وحدها،
تحملت صدمة العقل، وخوف الجسد،
وبينما كانت العائلة تضحك...
كانت الحقيقة تتعفن خلف الباب.
إن كنت تظن أن الأمان يأتي فقط من القرب،
فأعد النظر...
فربما كان السمّ في القُرب،
وكان النجاة في الشك.
مرحبًا بك...
في متاهة الأمان المسموم.