
لم يكن يتجاوز العاشرة، لكن عينيه كانتا تحكيان قصصاً لا يعرفها إلا من عاشها. كانوا يضحكون... وهو يركض خلف لقمة. كانوا ينامون مطمئنين... وهو يسابق الزمن ليعود من عملٍ أنهك روحه قبل جسده. طفل؟ لا، هو رجل صغير اقتلعت الحياة من قلبه طفولته، وتركته يصارع التعب في صمت. أراد أن يلعب، أن يخطئ، أن يُدلّل... لكن الحياة لم تترك له خيارًا. مع كل سنة تمضي، كان ثقل الأيام يُربك خطواته الصغيرة. يحاول أن يرضي الكل، أن يكون مثالياً رغم قلبه المكسور. بين العمل، والدراسة، وطلبات لا تنتهي... كان يصمت. يصمت كثيرًا. لأن لا أحد يسمع، ولا أحد يسأل: "إنت متحمل كل ده ليه؟ محتاج حضن؟ محتاج ترتاح؟" كلهم رأوا تأخره، فاتهم أن يروا نزيفه. كلهم رأوا ما لم يفعله... ولم يقترب أحد ليرى ماذا فعل كي يبقى واقفاً. حتى جسده خان مقاومته... أنهكه المرض، وانكسر وجهه الصغير من التعب... صار هشًا، كأن نسمة حزن قد تذروه. لكنه لم يكن وحيدًا... في عتمته، ظهرت هي. صديقة صغيرة، ناعمة في حضورها، قوية في صمتها... وراء ابتسامتها، وجع يشبهه. ماضٍ يشبهه. قلب خائف... مثله. ما احتاج أن يشرح نفسه... هي كانت تفهمه من أول نظرة. كأن وجعه يشبه وجعها، كأن الله ألقى كل الحكاية القديمة في عينيها، وقال له: "شوف... في حدا مثلك، وهي جت علشانك." لم تطلب منه أن يكون قوياً، ولا أن يخفي دAll Rights Reserved
1 part