واقعه الطف.. دَم لا يُنسى
البقية... صرخة الألم وصبر الأبطال
في خيام كربلاء، حيث تتقاذف الرياح حكايات العطش، كان الأطفال يُذوبون تحت لهيب الشمس، وجفونهم تغلق من شدة التعب أكثر من النوم. ألسنتهم كانت تلهث بحثًا عن قطرة ماء، والعيون الصغيرة لم تذق لذة الراحة، بل كانت ترقب بشوق آتٍ لا يأتي.
النساء، اللواتي هنّ كالأشجار الصامدة في وجه العواصف، حملن ثقل الفقدان والألم على أكتافهن، ووجوههنّ المتعبة كانت مرآة للحزن الذي لا ينفد. ضحكاتهن توقفت، تحولت إلى أنين مكتوم، وقلوبهنّ لا تتوقف عن الدعاء، يدعّين للفرج، رغم أن الشمس التي فوق رؤوسهن كانت لا ترحم..
كانت خيامهم تحترق بنار الحصار، ولكن أرواحهم بقيت مشتعلة، ترفض الخضوع أو الانكسار.
في تلك اللحظات، لم يكن هناك مكان للضعف، بل كان هناك عزيمة من نوع آخر، عزيمة ملأت الفضاء بصراخ لا يسمعه إلا الله، وصمود لا يكتب له إلا النصر مهما طال الألم.
بعد قرونٍ من انتظار قدوم فتاة إلى عائلة سيلفا، أخيرًا وُلدت الطفلة التي طالما حلموا بها، جالبةً معها فرحةً لم تعشها العائلة منذ أجيال. لكن هذه الفرحة لم تدم طويلًا...
في تلك الليلة المشؤومة، وبينما كان القصر غارقًا في السكون، انطلق صوت بكاء الطفلة، ممزوجًا بضجيج غريب، كأن الظلام نفسه يتحرك. هرع الجميع إلى غرفتها، لكنهم لم يجدوا سوى سرير فارغ وستائر تتمايل كأن يدًا خفية لامستها. اختفت الطفلة وكأن الأرض انشقت وابتلعتها، ولم يُعثر لها على أثر منذ ذلك الحين.
مرت السنوات، سبعة عشر عامًا كاملة، كبر خلالها الشك في قلوبهم، وتلاشت آمال العثور عليها شيئًا فشيئًا... حتى جاء اليوم الذي عادت فيه. لكنها لم تكن الطفلة التي فقدوها.
كانت فتاة غامضة، عيناها تحملان أسرارًا لا يعرفونها، ونظرتها باردة كأنها لم تنتمِ إليهم يومًا. هل كانت تعلم من هم؟ هل كانت تذكر أي شيء عنهم؟ والأهم... هل كانت ترغب في العودة إليهم؟
اللقاء لن يكون كما تخيلوه، فالفتاة التي عادت لم تعد طفلتهم، بل شخصًا آخر تمامًا... فهل سيستطيعون استعادتها؟ أم أن الزمن قد صنع منها كائنًا لا يمكن أن يعود لما كان عليه؟