في سالف العصور، حيث كانت الممالك تُشاد على جثث المارقين، وتُهدُّ صروحُها بزفرات المظلومين، نشأت دولتان لا يربط بينهما إلا ثأرٌ كامنٌ في الصدور، ودمٌ مُستباحٌ على مدار الدهور.
إحداهما نُسجت أنسجتُها من نورٍ لا يخبو، وأخرى كُتبت أسطُرها على وجه العاصفة، لا تعرف من السكينة إلا اسمها.
فلمّا أزف زمانُ الشقاق، وضاقت الأرض بما رحُبت، قُضي أمرُ زواجٍ قهريٍّ بين وليّي العهد، علّه يكون وثاقَ سلامٍ، أو رُقعةً لخرقِ التاريخ.
الأميرةُ إيلارا، ذات الطلعةِ البهية، والسرّ الساكن في دجى عينيها، التي يُقال إنّ القمر إذا اكتمل، خضع لهمسها، وأفشى لها ما أُخفي عن الخلق.
والأميرُ فالريان، المجبولُ من تراب الحرب وجليد الصمت، الذي لم يُؤنس جانبه إلا صليلُ السيوف، ولا لانت له الأرضُ إلا حين سالت دماء خصومه عليها.
غير أنّ هذا الرباط، ما خُطَّ ليكون حلفًا، بل كان صكَّ لعنةٍ خُبِّئت تحت رماد النسيان، ووعدًا أزليًّا أُخِلّ بمضمونه، فنطقت الأرض، واكفهرّت السماء، واهتزّت أركان الصمت.
في الليلة الأولى، سُفك الدم لا العطر.
وسُلب التاج من موضعه كما تُسلب الأرواح من الأجساد.
وغاض اسمٌ من صحائف التأريخ، كأنّ الوجود أنكره.
ومنذ تلك الساعة، باتت القاعاتُ تهمس بما لا يُفهم،
والظلالُ تتحرّك بلا مأذنة،
،والقلوب تنقلب