في زاوية بعيدة من هذا العالم، حيث تتكسّر الأصوات قبل أن تبلغ الآذان، ويضيع الدفء في أروقة باردة... يقف ميتم عتيق، جدرانه مشبعة بالأنين، ونوافذه لا تعرف غير العتمة. هناك عاشت فتاة يتيمة، وحيدة كغريبٍ ضائع، لا تملك من هذا الوجود سوى قلبٍ مثقل بالأسئلة.
لكنها لم تكن وحيدة تمامًا... فقد أحاطت بها أرواح لطيفة، خفيفة كأحلام الطفولة، ترافقها بصمت، وتواسيها بلمسات خفيّة. ومع ذلك، لم تستطع أن تحميها من قسوة الحياة ولا من ذلك الصراع السرمدي الذي يتسلل بين عالمين متناقضين.
عالم البشر... حيث يولد الحقد من رحم الخيانة، وحيث تتحول الكراهية إلى طاقات مظلمة تنهش الأرواح.
وعالم الأرواح... حيث النقاء كالماء الرقراق، لكنه هشّ، يتهشّم مع كل موجة ظلام تتصاعد من قلوب البشر.
يُقال إن في قلب كل إنسان بقعة من ظلام، تكبر كلما استسلم لضعفه، إلا أولئك الذين كُتبت لهم الأرواح الصافية، فهم وحدهم من يجهلون طعم العتمة. ومن تلك البقعة خرج الشرخ، فمزّق الحواجز، وفتح أبواب الفوضى بين الخير والشر.
وهنا، تقف الفتاة... حلقة الوصل بين عالمين، تسمع أنين البشر كما تسمع همسات الأرواح. عيناها تحملان نورًا خافتًا، وقلبها يرتجف بين الألم والأمل. هي وحدها من سيحمل عبء السؤال: كيف يولد التوازن من رحم الفوضى؟ وكيف يمكن لنورٍ صغير أن يقهر