
كانت الليالي عند إيفلين طويلة... طويلة لدرجة أن عقارب الساعة بدت وكأنها تجمدت داخل الظلام. الغرفة ضيقة، لكنها لم تكن تخلو من الهمسات التي تتسرب من زواياها، همسات لم يسمعها أحد سواها. جلست عند النافذة، تحدّق في الشارع الخالي، في أعمدة الإنارة الباهتة التي تُلقي ظلالًا ممتدة على الأرصفة. كانت تُدرك جيدًا أن أكثر ما يخيفها لم يكن الظلام ذاته، بل ما قد يختبئ فيه. يدها تمسكت بدفتر قديم، أوراقه متهالكة، لكن عليها رسومات متكررة... نفس الوجه، نفس الملامح. رجل غريب لم تره يومًا في الواقع، لكنها تراه كل ليلة في أحلامها. أليكس. اسمٌ لم تكتبه بوعي، بل كُتب على الورق كما لو أن يدها ليست ملكها. حين يطل الظلام، تسمع صوته... صوته الذي يبدو واقعيًا حدّ الألم: ـ "إيفلين... أنتِ لستِ وحدك." ترتعش، وتغلق الدفتر بسرعة، كأنها تخشى أن يخرج من بين صفحاته. لكن الحقيقة أنها لم تعد متأكدة... هل هو مجرد وهم صنعه عقلها؟ أم أن هناك حقًا من يقف خلف هذا الظل الذي يراقبها؟ المرآة أمام سريرها تعكس الغرفة ببرود، لكنها في كثير من الليالي تُظهر ما لا يجب أن يُرى... ظلًّا يقف بجوارها، بينما لا يوجد أحد. ابتسمت ابتسامة مشقوقة بين خوف واعتراف، وهمست لنفسها: ـ "أنا لا أصدقك... لكني أحتاجك." وفي اللحظة ذاتها... ارتجفت المصابيح في الخارج، وظلّAll Rights Reserved