"وِصايَةُ الرَّمادِ"

_مَا عَادَ ٱللَّيْلُ يَسْتُرُهُ، وَلَا ٱلصَّبَاحُ يَعْرِفُ طَرِيقَهُ.
كَائِنٌ مَسْحُوقٌ بَيْنَ جِبَالِ ٱلذِّكْرَى وَحُطَامِ ٱلأَحْلَامِ، حُمِّلَ مَا لَمْ يَسْتَطِعْ لَهُ حِمْلًا، وَسِيقَ إِلَى قَدَرٍ لَمْ يَكْتُبْهُ، وَلَكِنَّهُ كُتِبَ عَلَيْهِ بِٱلنَّارِ وَٱلرَّمَادِ.

_رَائِحَةُ ٱلِاحْتِرَاقِ تُطَارِدُ خُطَاهُ، وَأَصْوَاتٌ خَفِيَّةٌ تَنْبُشُ فِي صَدْرِهِ كَأَنَّهَا أَطْيَافٌ مَحْرُوقَةٌ تَسْأَلُهُ: لِمَ تُرِكْنَا هُنَا؟
وَحِينَ ظَنَّ أَنَّ ٱلْأَحْدَاثَ قَدْ أَفْلَتْ مِنْ يَدِهِ، أَعَادَتِ ٱلأَقْدَارُ صَكَّهُ إِلَيْهِ مُجَدَّدًا؛ فَٱلْقَلْبُ ٱلَّذِي بَلَغَ مَشَارِفَ ٱلْفَنَاءِ، كُتِبَ عَلَيْهِ أَنْ يَصِيرَ مَلْجَأً لِوَجْهٍ طَفْلِيٍّ غَرِيبٍ، لَمْ يَخْلُقْهُ مِنْ صُلْبِهِ، وَلَكِنَّهُ سَيَصِيرُ جُزْءَهُ ٱلْأَعْظَمَ.

_هُنَاكَ، بَيْنَ ٱلرَّمَادِ وَٱلصَّمْتِ وَجُرْحِ ٱلزَّمَانِ، وُلِدَتْ ٱلْوَصَايَةُ؛ لَا كَمَسْؤُولِيَّةٍ تُؤَدَّى، بَلْ كَمِحْنَةٍ تَنْحَتُ فِي ٱلرُّوحِ حَتَّى ٱلْهَلَاكِ.
وَهَكَذَا صَارَ ٱلنَّاجِي وَصِيًّا، وَصَارَتِ ٱلْحَيَاةُ أَشْبَهَ بِنُسْخَةٍ أُخْرَى مِنَ ٱلْحَرِيق... لَكِنَّهَا هَذِهِ ٱلْمَرَّةَ تَحْتَ رِعَايَةِ ٱلرَّمَادِ.

_فَٱ