عهد الأربعين

كأنَّ المشهد برمّته مؤامرةُ كواكبٍ تواطأت على بثّ رعشةٍ في أعصاب المكان.

العالم ذلك العجوز المتكئ على عكّاز التاريخ يمارس لعبته القديمة: يعيد ترتيب الكراسي السوداء كما لو كان يصفّق لإعادة مسرحيةٍ يعرف نهايتها، لكنه لا يملّ من عبثها.

الليل متخمٌ ببرودةٍ لها رائحة المعدن الصدئ، والهواء يتهامس كخادمٍ يخشى أن يوقظ سرًّا عتيقًا.

هناك، عند حافة الضوء المائل إلى الرماد، امرأةٌ تشبه شرارةً تعبت من الاحتراق الداخلي؛ في ملامحها تمرّدٌ يزاحم الصبر، وفي عينيها وعودٌ صغيرة بالانفجار.

يقابلها رجلٌ مكسوّ بطبقاتٍ من الصمت، كتمثالٍ جليدي يختبر سخافة النبض البشري، يراقبها كما يراقب عالمُ الحشراتِ حركة جناحٍ متمرّد.

يلتقيان بلا كلمة، في صمتٍ يلمع كحدّ سكين، وكأن الكون نفسه يختبر فكرة أن يضع النار أمام الجليد ليرى أيهما يذوب أولًا.

وهنا، في هذا الفراغ المشحون، تُستشعر بداية عهدٍ جديد، عهدٍ لا يُكتب بالحبر، بل بخليطٍ من الدم والنار والصقيع... وكأن الأقدار، على طريقتها الساخرة، وقّعت عقدًا آخر من العبث.

آيلا💛