الانتقام

حيث تُكتب الحكايات بمداد الدموع لا بالحبر، ويُطرَّز الماضي بخيوط الغدر والخيانة. هناك حيث تُداس البراءة تحت أقدام الطغاة، وحيث يعلو صوت الظلم على صرخات المظلومين، ينشأ شيء أكبر من الحقد، أعمق من الغضب، شيء يتربص في الصدور، يتغذى على الجراح، وينتظر اللحظة التي ينفجر فيها كالبركان: الانتقام.

ليس الانتقام نزوة عابرة أو رغبة عابثة، بل هو وعدٌ يكتبه المقهور مع أول قطرة دم أُهدرَت ظلمًا، ويخطّه قلب محطم لم يجد في العدل ملجأً ولا في الرحمة مأوى. حين تسقط العدالة صريعة بين أيادي الفساد، لا يبقى أمام الروح سوى أن تتحول إلى سيف مسلول، يقطع طريق الخيانة، ويمزق جدار الصمت.

هذه الحكاية ليست عن بطلٍ خارق يهوى الأمجاد، ولا عن عاشقٍ ضيّع قلبه في دهاليز الهوى، بل هي عن روح كسرتها الخيانة، فجمعت أشلاءها لتنهض من جديد، لا بالحب ولا بالسلام، بل بلهيب الضغينة ونصل الانتقام.

هنا، حيث يختلط الماضي بالحاضر، وحيث لا يُعرف المظلوم من الجاني، يبدأ طريق طويل محفوف بالدماء، طريق لا يعرف الرحمة، لأن القلوب التي ذاقت الخيانة لا تعود كما كانت، بل تتحوّل إلى مرآة تعكس قسوة العالم، وتعيدها مضاعفة.

فليكن القارئ على حذر؛ فما سيُروى ليس قصة عابرة، بل صرخة روح ظُلمت، وغرست جذور غضبها في أرض القهر، حتى أثمرت نارًا لن ينجو