لم أكتب هذه الصفحات لأقصّ حكاية، ولا لأستدرّ خلاصًا سهلًا. كتبتها كما يكتب البحر أسراره على صخرٍ لا يلين، وكما يتناثر الضوء في عتمةٍ تبحث عن شكلها. كل سطرٍ هنا شظيّة من روحٍ متعبة، وكل فكرة سؤالٌ يرفض أن ينام. هي مذكراتٌ ربما، أو محاولاتٌ فاشلة لفهم معنى أن نحيا، لكنها قبل كل شيء مرآة مائلة، تُريك ملامحك في صورٍ لم تعتدها.
هنا، العيون ليست زينةً للوجوه بل أبوابًا إلى عوالم أعمق من الكلام، والألم ليس لعنةً بل معبرٌ إلى حريةٍ لا يعرفها إلا من تذوّق طَعم القيود. هنا، كل كلمة ليست يقينًا، بل خطوةٌ في ممرٍ طويل يقود إلى المجهول.
في هذه الأوراق ستجد أسئلة أكثر من أجوبة، وظلالًا أكثر من أضواء، وستكتشف أن ما نسمّيه "العمق" ليس مكانًا نبلغه، بل جرحًا مفتوحًا نغرق فيه مرارًا.
هذه ليست مقدمةً لكتاب... بل دعوةٌ لعبور عالمٍ داخلي، حيث لا شيء مؤكّد، وحيث كل يقين يتفتّت ليولد سؤالًا جديدًا.
هناك دائمًا من يُجسّد فكرة "الخصم" على أنها شيئ سيئ. لأن القدر دفع الطرفين إلى مقعد واحد، أو موقف واحد، أو حتى كلمة عابرة و تحولت مع الوقت إلى جدار شاهق بينهما..
إنها الغرابة في الحياة: كيف لشخص واحد أن يكون في حضورك مصدر استفزازٍ أبدي، وكأن العالم أرسله فقط ليختبر صبرك؟
لكن الحقيقة التي يتجاهلها الجميع هي أن العداوة ليست سوى شكلٍ آخر من أشكال الارتباط؛ إنها اعتراف بأن الطرف الآخر حاضر دائمًا في ذهنك، حاضر لدرجة أنك لا تستطيع أن تكون حياديًا أمامه. فالخصم الذي يجعلك تغضب، هو ذاته الذي يسرق مساحة من تفكيرك كل يوم.
🎧✨