
في مدينةٍ لا تنام إلا على صخب الملهى وضحكاتٍ مكسورة، كانت بيانكا تجرّ قدميها بين أزقّة الفقر والواجب، تخفي الحقيقة تحت أقنعةٍ واهية، وتُقنع نفسها أن الكذب شرفٌ إن كان في سبيل النجاة. لم تكن عاهرةً كما وصفها العالم، بل روحًا ممزقة تحارب لتُطعم فمًا جائعًا وتُسكت أنين عجوزٍ يختنق بالألم. داميانو روسي . المحقق الذي لا يعرف الرحمة. رجلٌ صُنع من صمتٍ غامض وملامح قاسية، يكره التوسّل كما يكره الكذب، ويرى في النساء سُمًّا يتسلّل إلى أرواح الرجال. بعينيه السوداوين المشتعلتين بالاحتقار، كبّل يديها بصرامة، كأنما يقيّد جريمة لا يشك لحظةً أنها ارتكبتها. براءة متهمة، وغضب ممزق، وليل يختبئ في طياته أكثر من جثة. لكن ما لم يعرفه دومينيك، هو أن تلك العيون المرتجفة التي تحدّته، العيون التي يستمتع بابكائها و الروح التي يستلذ بتعذيبها ستفتح في داخله جرحًا كان يظنه مات و هوس يظنه انتهي ... وما لم تدركه بيانكا، أن قسوة هذا الرجل ستجرّها إلى ظلالٍ لم تعرف لها اسمًا من قبل... و هاويه هي اعمق بكثير مما تظن..All Rights Reserved