بين الخطوط البيضاء

في زمنٍ تتقاطعُ فيه الحكايات كما تتقاطعُ الضرباتُ على وجهِ القدَر،
تنبعثُ من بين السطورِ أنثى، كأنها من طينةِ الضوء خُلقت، تمتهنُ الرشاقة كما تمتهنُ التمرّد،
عينان من لُجّ الحذر، وخطواتٌ تُقيمُ الحربَ بين الظلال والهواء.
وفي الجهةِ المقابلة، رجلٌ يختزلُ الغضبَ في قبضته، يذرعُ الحلبةَ كأنها معبدُ ندمٍ قديم،
يتنفّسُ الصبرَ من فوهة الألم،
ويؤمنُ أن لا خلاصَ إلا بعدَ الوجعِ الأخير.
تتشابكُ دروبُهما كما تتشابكُ الخيوطُ في نسيجِ الفتنة،
فتولدُ من الكُرهِ ألفُ شرارة، ومن الشرارةِ تُخلقُ ألفُ حكاية،
هي تراهُ غليظًا كحائطٍ من صخرٍ لا يلين،
وهو يراها غرورًا مُتجسّدًا على هيئةِ أنثى تُخالفُ الريحَ ولا تنحني.
غيرَ أنّ القدَر، ذاك الساحرُ الخفيّ،
يعرفُ كيف يُعيدُ توزيعَ الأوراق،
فإذا بالبُغضِ يتحوّلُ نغمًا خفيًّا يوقظُ القلوبَ من سباتها،
وإذا بالمعاركِ تخلعُ خوذتها،
وتجلسُ في حضرةِ العشقِ مكشوفةَ الجَبين.
فيها الغموضُ يسكنُ السطورَ كما يسكنُ الليلُ مفاصلَ المدن،
وفيها الأسرارُ تمشي حافيةً على جمرِ الشكِّ واليقين،
تتقافزُ المشاعرُ بينهما ككراتٍ لا تُمسك،
تتساقطُ الكلماتُ على حوافِّ الصمتِ كالمطرِ على الزجاج،
وتغدو الملاعبُ مسارحَ للقدر،
يُصفّرُ فيها الحكمُ للحُبِّ حين يخطئ،
ويُعلنُ الخ