
لم تكن تلك الليلة عادية... كل شيء من حولي كان صامتًا إلا قلبي، يضجّ باسمٍ غادرني دون وداع. تساقط المطر كأنه يواسيني، وأنا أبحث في الطرقات عن ظلّه، عن بقاياه في الهواء. كم مرة تمنّيت لو عاد، فقط ليقول كلمة أخيرة... لكن الرحيل كان أسرع من الأمنيات، وأقسى من النسيان. توقّف الزمن عند تلك اللحظة... كان واقفًا أمامي، صوته متردد، وعيناه مليئتان بألف كلمة لم تُقال. كنت أحاول التمسك بأي شيء... بنظراته، بصوته، حتى بأنفاسه الأخيرة في المكان. قال بهدوءٍ مؤلم: «يمكن الوداع أرحم من البقاء ونحن موجوعين». تلك الجملة ظلّت ترنّ في أذني حتى بعد أن اختفى صوته مع خطواته الأخيرة. ومنذ تلك اللحظة، لم أعد أؤمن بأن الوداع نهاية، بل بداية وجعٍ لا ينتهي. تمر الأيام ببطءٍ مؤلم، وكأن الوقت يتعمد أن يذكرني بغيابه في كل لحظة. أفتح نافذتي لأشم الهواء، علّ الريح تعيد لي صوته، أو على الأقل تهمس باسمه. كل شيء حولي يذكّرني به... رائحة المطر، أغنية كنا نحبها، حتى مقعدنا في الحديقة أصبح خاليًا. أجلس لساعاتٍ أطارد الذكريات، وأعيد كل لحظةٍ نضحك فيها، وكل كلمةٍ تركت أثرًا في قلبي. وكل مساء، أغمض عيني، وأحلم بلقائه... حلمٍ يتركه القدر بعيدًا عن يدي، لكن قريبًا من قلبي. أحيانًا أتساءل إن كان يشعر بما أشعر، أم أن الحياة استمرت دون أن تلتفت إليهAll Rights Reserved
1 part