على طرف الكلام

كانت ليان تجلس في المقهى نفسه كل مساء، كأنها تنتظر شيئًا لا تعرفه. وفي الليلة السادسة، دخل سامر... لم يكن يعرفها، لكنه توقّف لحظة عندما التقت عيناه بعينيها. نظرة واحدة فقط، لكنها أربكت إيقاع الزمن بينهما.

اقترب وسأل بابتسامة خفيفة:
"الكرسي فاض؟"

لم تكن بحاجة لأن تنطق، كانت ملامحها تقول أكثر مما يجب. جلس، وبدأ الحديث كأنه حديث قديم يعودان إليه لا يبدآن منه. كأنهما كانا يعرفان بعضهما منذ زمن ضائع.

قالت ليان:
"أحيانًا... أشعر أنّ بعض الأشخاص يمرّون في حياتنا ليس لكي نبقى معهم، بل ليوقظوا شيئًا فينا."

أجاب سامر وهو ينظر إلى يدها الموضوعة على الطاولة، وكأنه يحاول قراءة نبض الكلام من أصابعها:
"وأحيانًا يمرّون لكي نكتشف أننا كنّا ننتظرهم من دون أن نعرف."

ساد صمت قصير... لكنه لم يكن صمتًا عاديًا. كان محمّلاً بأسئلة لم تُسأل، ورغبات لم تُقال، وشيء يشبه الاعتراف دخل بينهما من دون إذن.

رفعت ليان نظرها إليه وقالت بصوت منخفض:
"هذا الشيء... اللي بيننا... تحسه؟"

ابتسم سامر، تلك الابتسامة التي لا تكشف كل شيء ولا تُخفي كل شيء، وقال:
"أحسه... وأحاول أسيطر عليه."

ضحكت بخجل واضح، لكنها لم تُبعد عينيها عنه. كانت تلك الجرأة الصامتة أقوى من أي كلمة.

وقبل أن يغادر، وقف وقال:
"إذا جيتِ بكرة... أكمّل لك اللي ما قلتِه اليوم."

سألت