رمضان" غلال الزيتون بأعلى ثمن. وجلس وحيدا في غرفته يعدُّ حصيلته النقدية ويعيد حساباته المالية، محاولا تجزيء المبلغ على أشطر. ويضع لكل شطر أوجه إنفاقه المحتملة. ثم يعيد تجميع رزمة نقوده ويداعبها بأنامله ليقرر في الأخير تغيير برنامج الإنفاق المستقبلي. خبأ نقوده في مكان آمن، ثم خرج لملاقاة أصدقائه الفلاحين في رابية قريبة تطل على السكة الحديدية التي يمر منها قطار المساء بألوان أنواره الرمادية المنبعثة من نوافذه الكثيرة، والتي تثير في أنفسهم الكثير من الأسئلة. سأل أصدقاءه عن أبعد نقطة يصل إليها القطار. فقال أحدهم: الدار البيضاء هي نقطة نهاية رحلة القطارات. بينما ألح آخر على أنه يصل إلى مراكش جنوبا وطنجة شمالا. فقال "رمضان": إذن سأسافر إلى مراكش غدا مساء. تعجب أصدقاءه من قراره المفاجئ وهم يعلمون أنه لم يغادر من قبل منطقة العيون الشرقية إلا إلى مدينة وجدة على أبعد تقدير. قضى "رمضان" ليلته يحلم بمراكش العامرة، ويتذكر القصص التي تلوكها الألسن عن هذه المدينة الساحرة. في مساء اليوم الموالي، وعلى متن جرَّار، أوصله صديقه إلى محطة القطار. تقدم رمضان إلى عامل المحطة المكلف ببيع تذاكر السفر، فسأل