قالت حليمة بائعة اللبن لآمنة - وقد جاءت كعادا قبل شروق الشمس - وهي تكيل لها لبنا بقرش : "سمعت الخبر ؟ الزين مو داير يعرس " . وكاد الوعاء يسقط من يدي آمنة . واستغلت حليمة انشغالها بالنبأ فغشتها اللبن . كان فناء المدرسة " الوسطى " ساكنا خاويا وقت الضحى ، فقد أوى التلاميذ إلى فصولهم ، وبدأ من بعيد صبي يهرول لاهث النفس ، وقد وضع طرف ردائه تحت إبطه حتى وقف أمام باب " السنة الثانية " وكانت حصة الناظر . " يا ولد يا حمار . إيه أخرك ؟ " لمع المكر في عيني الطريفي : " يا فندي سمعت الخبر ؟ " " خبر بتاع إيه يا ولد يا يم ؟ " ولم يزعزع غضب الناظر من رباطة جأش الصبي ، فقال وهو يكتم ضحكته : " الزين ماش يعقدو له بعد باكر " وسقط حنك الناظر من الدهشة ونجا الطريفي . ....... *الرواية للكاتب : الطيب الصالح