في طريق العودة إلى الكوخ القديم في الغابة المزدهرة بالأشجار العارية و الظلال القاتمة ، يسابقني المطر فيلامس الأرض قبل وطأ قدمي الندى الذي يبعث برائحة الدماء والجثث البالية ، أما بين أروقة الغابة فبدأ يخيل لي نساءا ترفلن بأثواب طويلة كأثواب الزفاف، تتجهن صوبي بمزامنة مع ضوء البرق ، وتندثرن بهزيم الرعد ، أرجعت بصري طريقي فوجدتني ضللت الطريق ، وقد أوقفني سياج كبير يضاهي عنان السماء، تلقي السحب بدموعها عليه فتنسكب آتية من السماء البعيدة فتعانق الأرض الندية ، أجوب المكان حوله فلا أر مدخلا إليه ، ولما أعود أمامه ، أجد على الأرض دمية قد حيكت من ألوان مختلفة من بقايا الخيط و الأزرار ، فما إن أمسكت بها فإذا بي أرى خلف السياج فتاة صغيرة كان الجمال ذرة منها ، والبؤس والشقاء كلها، رأيتها جالسة على صفوان وسواد الليل قد استأجر شعرها فندقا ، كما فعل الثلج بثوبها ، أما قدماها فما أشد جمالهما وهما حافيتين،ترمي بنظراتها إلى داخلي حكاية طويلة ،وكأنها عاشت الدهر كله ، لازالت الدماء تستقي الحمرة من وجنتيها وشفاها........ دنوت منها و سألتها عن إسمها ، فأخبرتني قائلة : أنا السعادة الحزينة فعجبت لجوابها و عقبت سائلا :إذا فما سبب بؤسك ؟ فأخبرتني : كون أحد لم يبلغني أو يزرني منذ زمن بعيد فأضفت سائلا :منذ متى وأنت مقAll Rights Reserved