-Ghrip

فِي آخِرِ لَيالِي العُمرِ الهادِئة،
          	حَيْثُ تَتَشَابَكَ خُطى الذِّكرى
          	بِهَمْسِ الرِّيحِ فِي نَافِذَةِ دِيسَمْبَر،
          	أَجِدُنِي أُرَاجِعُ تِلكَ السَّنَوَاتِ
          	الَّتي مَرَّتْ خَفِيفَةً أَحْيانًا،
          	وَثَقِيلَةً كَالحُلمِ الَّذي لَم يَكْتَمِل أحيانًا أُخرى.
          	
          	نُغَيِّرُ أَيَّامَنَا،
          	وَلَكِنَّ الشُّعُورَ الَّذي لَامَسَ القَلْبَ مَرَّةً
          	يَبْقَى أَمِينًا لِمَكَانِهِ،
          	لا يُغادِرُهُ وَلَو غَفَلَ العَالَمُ كُلُّهُ عن ذِكرِهِ.
          	فَبَعضُ الحُبِّ يَبْقَى كالنُّورِ،
          	يَتَخَفَّى، وَلَا يَنطَفِئ،
          	يَهدَأُ وَلَا يَختَفِي.
          	
          	وَفِي كُلِّ مَرمى لَيلةٍ بَارِدَة،
          	أَفهَمُ أَنَّ الأرواحَ الَّتي تَعَلَّقَت بِالضَّوْء،
          	لا تُجيدُ العَيْشَ في الظَّلَام،
          	وَلَا تُسَلِّمُ نَفسَها لِلْوَجْعِ،
          	فَهِيَ تُفَضِّلُ أَنْ تُجَرِّبَ الألَمَ مَرَّات،
          	عَلَى أَنْ تَتَخَلَّى مَرَّةً عَنْ حَلْمٍ
          	مَسَّهَا مِنْهُ لَمسَةُ حَيَاة.
          	
          	وَأَنَا—
          	لَا أَعُودُ إلى الماضي لِأُطالبَهُ بِأَحَد،
          	وَلَا أَفتِّشُ في الذِّكرى عَن نِصْفِ حَقٍّ ضَاع،
          	وَلَكِنِّي أَعُودُ لِأَتَأَكَّدَ
          	أَنَّ كُلَّ نَجمَةٍ أَطفَأَتْهَا السَّماء
          	وُلِدَتْ مِثلُها فِي جَانِبٍ آخَر
          	لِتُكْمِلَ ضِياءَ الطَّرِيق.
          	
          	فَالأعْوَامُ الَّتي غَادَرَت،
          	لَم تَأْخُذْ مِنهَا الدُّفءَ،
          	وَلَا سَرَقَتِ القُدْرَةَ عَلى الحُب،
          	وَلَا أَطفَأتِ الشَّغَفَ الَّذي يَبْدَأُ مِن هَمْسَةٍ
          	وَيَنْتَهِي بِنَهَارٍ مُتَمَدِّدٍ على حَافَّةِ القَلْب.
          	
          	فَإنْ غَابَ الهَوَى يَوْمًا،
          	تَبقَى آثَارُهُ فِي الأرْوَاح،
          	كَنَبْضٍ يَخْتَبِئُ تَحْتَ صَمْتِ الجُرْحِ،
          	يُذَكِّرُنَا أَنَّ الضَّوءَ الَّذي عَرَفنَاهُ
          	لَا يُمكِنُ أَنْ يُطفِئَهُ الزَّمَن،
          	وَلَا تُغيِّرُهُ فُصولُ البُعْد،
          	فَالقلوبُ الَّتي تَعَلَّمَتِ الإضَاءة
          	تَبْقَى مُنَارَةً،
          	وَلَو وَقَفَ الدَّهْرُ كُلُّهُ فِي وَجهِهَا.

-Ghrip

فِي آخِرِ لَيالِي العُمرِ الهادِئة،
          حَيْثُ تَتَشَابَكَ خُطى الذِّكرى
          بِهَمْسِ الرِّيحِ فِي نَافِذَةِ دِيسَمْبَر،
          أَجِدُنِي أُرَاجِعُ تِلكَ السَّنَوَاتِ
          الَّتي مَرَّتْ خَفِيفَةً أَحْيانًا،
          وَثَقِيلَةً كَالحُلمِ الَّذي لَم يَكْتَمِل أحيانًا أُخرى.
          
          نُغَيِّرُ أَيَّامَنَا،
          وَلَكِنَّ الشُّعُورَ الَّذي لَامَسَ القَلْبَ مَرَّةً
          يَبْقَى أَمِينًا لِمَكَانِهِ،
          لا يُغادِرُهُ وَلَو غَفَلَ العَالَمُ كُلُّهُ عن ذِكرِهِ.
          فَبَعضُ الحُبِّ يَبْقَى كالنُّورِ،
          يَتَخَفَّى، وَلَا يَنطَفِئ،
          يَهدَأُ وَلَا يَختَفِي.
          
          وَفِي كُلِّ مَرمى لَيلةٍ بَارِدَة،
          أَفهَمُ أَنَّ الأرواحَ الَّتي تَعَلَّقَت بِالضَّوْء،
          لا تُجيدُ العَيْشَ في الظَّلَام،
          وَلَا تُسَلِّمُ نَفسَها لِلْوَجْعِ،
          فَهِيَ تُفَضِّلُ أَنْ تُجَرِّبَ الألَمَ مَرَّات،
          عَلَى أَنْ تَتَخَلَّى مَرَّةً عَنْ حَلْمٍ
          مَسَّهَا مِنْهُ لَمسَةُ حَيَاة.
          
          وَأَنَا—
          لَا أَعُودُ إلى الماضي لِأُطالبَهُ بِأَحَد،
          وَلَا أَفتِّشُ في الذِّكرى عَن نِصْفِ حَقٍّ ضَاع،
          وَلَكِنِّي أَعُودُ لِأَتَأَكَّدَ
          أَنَّ كُلَّ نَجمَةٍ أَطفَأَتْهَا السَّماء
          وُلِدَتْ مِثلُها فِي جَانِبٍ آخَر
          لِتُكْمِلَ ضِياءَ الطَّرِيق.
          
          فَالأعْوَامُ الَّتي غَادَرَت،
          لَم تَأْخُذْ مِنهَا الدُّفءَ،
          وَلَا سَرَقَتِ القُدْرَةَ عَلى الحُب،
          وَلَا أَطفَأتِ الشَّغَفَ الَّذي يَبْدَأُ مِن هَمْسَةٍ
          وَيَنْتَهِي بِنَهَارٍ مُتَمَدِّدٍ على حَافَّةِ القَلْب.
          
          فَإنْ غَابَ الهَوَى يَوْمًا،
          تَبقَى آثَارُهُ فِي الأرْوَاح،
          كَنَبْضٍ يَخْتَبِئُ تَحْتَ صَمْتِ الجُرْحِ،
          يُذَكِّرُنَا أَنَّ الضَّوءَ الَّذي عَرَفنَاهُ
          لَا يُمكِنُ أَنْ يُطفِئَهُ الزَّمَن،
          وَلَا تُغيِّرُهُ فُصولُ البُعْد،
          فَالقلوبُ الَّتي تَعَلَّمَتِ الإضَاءة
          تَبْقَى مُنَارَةً،
          وَلَو وَقَفَ الدَّهْرُ كُلُّهُ فِي وَجهِهَا.