وقفت تراقب السيارة وهي تغادر مبتعدة.. بعدما نزلت منها غاضبة وحزينة ....
اختلطت دموعها بالمطر وزادته غزارة ....
تلفتت حولها للبحث عن مأوى يقيها قطرات المطر القاسية كقسوة ليلتها هذه ..
لكن غزارته منعتها من الرؤية جيداً ...
كان المكان خالياً وكئيباً وكذلك الشارع وكأنه لم يكن مأهولاً منذ ساعات ...
تراءَ لها ضوءً من بعيد .. في زاوية أحد المحلات والتي أغلقت بسبب الأمطار الغزيرة رغم أن الساعة لم تتجاوز العاشرة مساء ...
ركضت باتجاهه وعند اقترابها كانت كابينة هاتف فدخلت فيها بسرعة مما جعلها ترش المكان بالماء الذي يتقاطر منها فقد كانت مبتلة تماما.. فجأة ..
؟؟؟ : هيه انتبهي لا ينقصنا البلل هنا أيضا.
كان شاباً جالساً وبيده كتاب وبجانبه حقيبة كالتي يستعملها رجال الأعمال أراد النهوض بسرعة ولكن....
طراااااااااااااااخ ....
صوت انغلاق باب الكابينة بفعل الهواء فرجع لجلسته وعلى وجهه خيبة أمل..
آسفة سوف أخـــــ ...
قالتها وهي تحاول فتح الباب...لكن الباب لا ينفتح..
الشاب: من الداخل فقط .. هذا ما اكتشفته بعد دخولي وأظن أن الورقة الملصقة خارجاً والتي أفسدها المطر كانت تنبيهاً بذلك ..
فجأة سمعا صوت رعد وكان عالياً ومخيفاً جداً مما جعلها تخفي رأسها بين ساعديها محاولة سد أذنيها..
فوقعت بعض قطرات المطر التي كانت تبلل رأسها على وجه الشاب..
فأخذ يمسحه بيده وهو يقول مازحا : لم أكن أعتقد أن المطر مالحاً هكذا ..
نظرت إليه بعينين غارقتين بالدموع ثم بدأت بالبكاء ..
اقترب منها محاولاً تهدئتها بمزحة أخرى: أظن أني عرفت سبب ملوحة المطر ...
زادت في البكاء...
أرجوك يا آنسة إنني لا أعرف السباحة وخاصة في المياه المالحة..
ابتسمت بسبب ما قاله والطريقة التي تحدث بها ..
نظر إليها وقد فتنته ابتسامتها البريئة ..
وقد ظننت أن الشمس لن تشرق أبداً .... هل أخبرك أحدهم بأن لديك ابتسامة دافئة؟ ...
عادت للبكاء ثانية ..
أوه لا.. أرجوك يا آنسة توقفي عن البكاء فلم أكن أقصد أن أضايقك بكلامي..
توقفت عن البكاء وأخذت تمسح دموعها قائلة:
لست السبب في بكائي إنما شخص ظننته يحبني لكنه لم يقل لي كلاماً لطيفا كالذي قلته.. وقد تركني أنزل في هذا المكان دون أن يكلف نفسه عناء إيصالي للمنزل ...
الشاب: غبي ..
الفتاة: دائماً يتباهى بنفسه فهو أفضل لاعب ركبي في كليتنا وقد علمت أنه كان يتقرب مني ليثير غيرة صديقته فقط ..
الشاب: هذا لأنه أعمى وأحمق ولا يستحق دمعة من هاتين العينين الجميلتين..
الفتاة: هل تحاول مواساتي بهذا الكلام اللطيف؟
الشاب: لا أبدا إنما .......
الفتاة مقاطعة حديثه: إن كنت تواسيني فتوقف عن ذلك لأن المواساة تثير اشمئزازي .. كما أنك على حق إنه لا يستحق أن أحزن عليه..
الشاب: في الحقيقة لم أكن أواسيك بل أحاول أن أستجدي منك بعض النقود المعدنية لأتصل بمن يخرجنا من هنا ...
الفتاة بحماس: أوه.. نعم أعتقد بأن لدي قرشان في مكان ما هنا ...
أخذت تبحث في جيوب بنطالها ...
الفتاة: انتظر قليلا.. ها هي ..
الشاب اندفاع: هذا رائع إنك رائعة لقد أنقذتنا ....
من شدة فرحته نسي نفسه وكاد يعانقها لولا أنها حملت السماعة ورفعتها في وجهه محاولة منها لتجنب مثل هذا الموقف ..
الشاب بإحراج : أوه !.. حسنا...
أدخل النقود وبدأ بالاتصال ...
الشاب: مرحبا ستيف ... ما كل هذه الضجة ؟... ماذا ؟!
حفلة!! يا لكم من أصدقاء كيف تحتفلون من دوني ؟!!! ... لست أحمقا لأنسى يوم ميلادي ولكنني عالق في كابينة هاتف وأريدك أن تأتي لتخرجني ... ماذا العنوان نعم نعم إنه....... ستيف ! ستيف ! تبا لقد انقطع الخط
أخذت الفتاة سماعة الهاتف من يده: لا شيء
الشاب: ربما تعطل من صاعقة ما
صمتا للحظة ثم استدارت وجعلته خلفها وبدت منهمكة في حقيبتها ..
يتبع.....