قلبٌ أخضر

951 41 9
                                    


قلبٌ أخضر

أصواتٌ صاخبة تسللت من مكانٍ ما قريب .. رفعت وسادتها لتغطي أذنيها بضيق .. ما هذا الإزعاج؟ .. ألا يمكن للمرء أن يغفو قليلاً دون أن يقلق راحته أحد؟ .. عبثاً حاولت جاهدةً أن تستعيده لكنّ النوم كان قد تخلى عنها تماماً .. شعرت بعد برهة بباب الغرفة ينفتح، وأحست به يتسلل للداخل .. كتمت ابتسامتها وهي تغمض عينيها مدعيةً غرقها في النوم، وغفلتها عن سماع خطواته المتسللة التي تقترب منها .. شعرت بأنفاسه المتحمسة وضحكته المكتومة بينما يتسلق الفراش بصعوبة، وزحف بعدها حتى أصبح قربها .. لم تستطع الادعاء أكثر، وخانها تأوهٌ متوجع، حين قفز بجسده الصغير فوقها هاتفاً بصوته الطفولي الناعم
"ماما .. ماما اصحي"

زمت جفنيها لكنّه كعادته أصر على فتحهما لها لتضحك هاتفة

"استيقظت .. تمام استيقظت"

ضحكاته العذبة تعالت لتنهض ممسكة بجسده الضئيل وقلبته على الفراش لتهجم عليه مدغدغة
"عفريتي الشقي .. قلنا توقف عن هذه الحركات"

تلوى محاولاً الفرار من أصابعها لاهثاً بكلماتٍ غير مفهومة امتزجت بضحكاته، بينما يتوسلها أن تتوقف .. توقفت أخيراً لتحتضنه مقبلةً خده بقوة
"أين أذهب من شقاوتك هذه، هه؟ .. قل لي"

ردد كلماتٍ مكسرة مذيباً قلبها أكثر، قبل أن يقفز من جوارها مع دخول والده للغرفة ليندفع إليه .. احتضن ساقه بكلتا ذراعيه، لينحني والده ويرفعه مقبلاً
"هل أيقظكِ هذا المزعج؟"

والتفت إليه مكملاً بلوم مفتعل

"ألم أقل لك لا تزعج ماما وأنا وأنت سنقوم بكل شيء؟"
ضحكت وهي تنهض من الفراش
"المهم أنّ ماما استيقظت في النهاية .. أخبراني .. ماذا كنتما تخططان من دوني؟"
تبادل الاثنان نظرة ماكرة، فقاومت ابتسامتها وهي تنظر للنسختين المتشابهتين أمامها .. الابن كأبيه تماماً .. تنهدت متخصرة ترمقهما بنظرات ضيقة ليضحك زوجها وهو يغادر
"إنّها مفاجأة .. أليس كذلك يا نور؟"
صفق كفيه هاتفاً

"مفاجأة"

"صحيح يا حبيب بابا .. مفاجأة ولن نخبر عنها ماما"

قال زوجها رامياً نحوها غمزة ثم أخبرها وهو يحمل ابنهما ويغادر
"لا تعودي للنوم مرة أخرى يا زوجتي الحبيبة .. لدينا يوم طويل ومهم"
قطبت بتساؤل فأرسل لها قبلة في الهواء مع ابتسامته الحبيبة ليطبع ابنها قبلة على كفه الصغير مقلداً والده ويرسلها إليها .. ضحكت والاثنان يغادران الغرفة وأسرعت تلملم شعرها وتغادر خلفهما لتعرف ما يخططان.

بحثت عنهما ما أن غادرت الغرفة وأتاها صوتهما من ناحية المطبخ فأسرعت إليه

"ما هذا؟"

هتفت بصدمة وهي تدخل المطبخ الذي بدا وكأن إعصاراً عنيفاً ضربه .. الدقيق متناثر في كل مكان .. أحشاء المطبخ كلها خارجه .. الصواني والملاعق .. نظرت بذهول لقشور البيض الملقاة على الطاولة التي اتسخت ببقايا السمن والكريمة المخفوقة وأشياء أخرى لا تعرف ماهيتها .. رفعت عينيها بصدمة للمذنبين أمامها

قلبٌ أخضرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن