تعالت همهمات وهمسات بين الطلاب تنم عن قلقهم من هذا اليوم في المدرسة، فقد انتشر خبر قدوم مجموعة من الأطباء في حملة بعنوان نهتم بصحة طلابنا.
-يعني يا جماعة هيكشفوا علينا كلنا ازاي وليه؟
-ما لكم؟ يعني كشف عادي وبيحصل في كل حتة مش المدارس بس أصلا.
-أنا خايفة طيب هو لازم يعني كلنا ما اللي حاسس أنه تعبان هو اللي يكشف بس وخلاص.
-ماتخافيش وبعدين دكاترة شكلهم حلوين وهنطمن على صحتنا ببلاش، انا شايفة أنها حاجة كويسة.
-هو مش خوف انا مابحبش حد يكشف عليا ممكن اموت من الكسوف انتوا مش متخيلين.
-ماتبقيش اوڤر يا سارة اكيد الكشف من فوق الهدوم ماتقلقيش.في حصة العلوم توقفت المعلمة عن الشرح عند قدوم الطبيب الذي دخل وألقى التحية.
صباح الخير. أنا دكتور عمرو. احنا جايين النهار دا أنا وزمايلي تبع حملة مخصصة لطلاب المدارس للاطمئنان على صحتهم البدنية. نبدأ بالشباب الأول بالترتيب واللي يخلص يستنى برا.
بدأت المعلمة بمناداة الأسماء واحدا تلو الآخر. أغمضت سارة عينيها خجلا من الموقف وهي تسمع مايحدث فقط
-ممتاز.. نشوف ودنك.... كويس اوي.. خد نفس كدا ... هايل يا بطل ... انت تمام جدا .. اللي بعده ...
مر بعض الوقت وحان دور الفتيات وزاد جو التوتر في الأرجاء. تنتظر سارة دورها في ترقب وكلما اقترب زاد خوفها وارتجافها.
-عاوزك تكحي براحة... ايوه كمان مرة ... في ألم هنا ... عظيم طيب هنا .... خضعتي لأي عملية جراحية لوز لحمية زايدة... تمام جدا .. اللي بعدها
وكان دور سارة تقدمت في هدوء وحاولت ألا تظهر قلقها.
-ازيك يا سارة. قوليلي الأول عندك شكوى معينة من حاجة؟
هزت رأسها نفيا
-لأ الحمد لله
طلب منها الجلوس على مقعد أمامه واقترب وبيده عصا طبية صغيرة
-يا ريت نفتح بؤنا .. تمام أشوف ودنك ... ممتاز
لاحظ ارتجاف يدها البسيط عرف أنها خائفة بعض الشيء
-اهدي يا سارة ماتخافيش انا تقريبا خلصت
ابتلعت ريقها وردت بعند طفولي
-أنا مش خايفة خالص
ابتسم وهو يضع السماعة الطبية على صدرها فقلبها ينبض بسرعة أرنب يركض خوفا من ثعلب يطارده-واضح انك مش خايفة .. خدي نفس .. هايل كمان مرة.. تمام
في حركة سريعة ضغط بيده بخفة على بطنها انتفضت سارة
-في وجع هنا؟
هزت رأسها نفيا فمن شدة خجلها شل لسانها تماما حتى ضغط في موضع آخر تألمت منه قليلا ولكنها حاولت ألا تظهر ذلك. لاحظ دكتور عمرو تعبيرات الألم على وجهها ما أن وضع يده هذه المرة
-هنا في ألم يا سارة؟
هزت رأسها مجددا يعلم أنها تكذب ولكنه فسر ذلك بأن خجلها منه هو السبب فتنفي ألمها حتى تنتهي من هذا الأمر بسرعة.
-تمام أنا كدا خلصت اللي بعدهانهضت سارة وهي تتمنى لو إن الأرض تنشق وتبتلعها وظلت باقي اليوم شاردة ولكنها أفاقت على المعلمة وهي تنادي اسمها
-سارة عماد انزلي فصل الArt في الدور الأرضيلم تفهم لماذا ولكنها استجابت وتوجهت إلى هناك بخطوات مترددة. عند وصولها وجدت باب الفصل مفتوحا وداخله باقي أفراد الحملة الطبية ودلفت مندهشة من وجود أسرة طبية وستائر وكأنهم حولوا الغرفة إلى غرفة فحص.
-اتفضلي يا سارة. انا طلبت اني اشوفك تاني هنا عشان بصراحة الكشف بتاعك لسه ماخلصش.
اقتربت منه بعدم فهم لأي شيء مما يحدث ولاحظ علامات الاستفهام على وجهها
-ماتقلقيش ممكن تطلعي على سرير الكشف محتاج أتأكد من حاجة.
استجابت على مضد وجلست على السرير فطلب منها الاستلقاء على ظهرها .. وبمهارة طبية عالية رفع قميصها كاشفا عن بطنها وبحركة سريعة يضغط على موضع ألمها
-انت حاسة بوجع هنا يا سارة مش كدا
صرخت قليلا متألمة ولم ترد. دفعت يده بعيدا بحركة لا إرادية وأنزلت قميصها والتفتت لتجد دكتور عمرو يحضر إبرة. تحول تماسكها فجأة إلى خوف وذهول
-حقنة ليه هو أنا عندي حاجة أنا بطني مش بتوجعني اوي كدا و...
-اهدي يا سارة دي حقنة صغيرة عشان التهاب الزائدة اللي عندك مش هتحسي بها ماتخافيش
ابتلعت ريقها وقالت بعند طفولي: أنا مش خايفة يا دكتور .. أنا بس مستغربة يعني أنا مش حاسة اني عندي حاجة تستدعي..
قاطعتها حركته وهو يديرها بخفة وابتسم على عنادها. فهي ترتجف مثل ورقة وتتظاهر بالتماسك. تأوهت سارة وهو يعطيها الحقنة وامتلأت عيناها بالدموع
-أنا عملت لك ايه عشان تعمل كدا
تألم لرؤية دموعها وأراد أن يطمئنها
-آسف لو وجعتك بس صدقيني احنا عارفين مصلحتكم ويهمنا تكونوا بخير
فقد كانت دراسة تخرجه عن التهابات البطن المختلفة وخبرته كبيرة في هذا الإمر.
نهضت وهي تشعر بالخجل منه والغضب معا في آن واحد فمازالت الحقنة تؤلمها.
ممكن أمشي بقى
ابتسم دكتور عمرو وأذن لها بالذهاب فقد قام بواجبه على أكمل وجه
YOU ARE READING
لا تسألني
Romanceمجرد مشهد من رواية لم تكتمل بعد. قصة أبطالها عصام وأخته سارة وصديقه دكتور عمرو وغيرهم ...