ها هي تمر من أمامه عائدة من الجامعة، الوحيدة التي دق لها قلبه ويتمنى لو بادلته الشعور. تسكن في نفس البناية ولكن لا تعيره أدنى اهتمام ومع ذلك قد عزم على تدبير أمره سريعا كي يطلب يدها للزواج من والدها الحاج محمد صدقي.
هو شاب بعمر الثلاثين ومهنته كطبيب علمته أن يصبر جيدا كما صبر طوال أعوام دراسته الطويلة. ولأن عيادته في نفس البيت تتسنى له فرص أكثر لرؤيتها.
ركن سيارته وتأملها وهي تدخل من مدخل البناية حين لاحظ بطء خطواتها الملحوظ ثم الدماء. نعم خيط من الدم يظهر جليا طازجا يبدو كأنها هي من تنزف. نزل بسرعة وسار وراءها ليتأكد ويعرف ما أصابها. أوقفها صوته
-عاملة ايه يا ريم
توقفت وردت في توتر دون أن تنظر ٱليه
-الحمد لله يا دكتور معاذ بخير
همت أن تذهب
-مال صوتك وايه الدم دا كله انت عورتي نفسك؟
-دم!التفتت في خوف لترى ما يتحدث عنه لقد ربطت جرحها جيدا أيعقل أنه ما زال ينزف!؟
زاد الخوف الذي أدركه معاذ في عينيها وقالت في تردد
-مفيش أنا بس اتعورت في رجلي .. ماخدتش بالي من المسمار و...
-طيب تعالي أشوفها لك أنا كدا كدا طالع افتح العيادة
-لا لا مفيش داعي مش عاوزة اتعبك
أمسك يدها متجاهلا ترددها وعدم رغبتها بالذهاب معه إلى أي مكان
-مفيش تعب ولا حاجة يلافي العيادة طلب منها الجلوس ورفع ساقها المصابة على كرسي آخر أمامها وعندما جلست
-خليني اشوف الجرح يا ريم هو فين في رجلك؟كشفت ريم عن ساقها بحرص وهي ترتجف من الخوف والألم شعرت بالخجل عندما فحص معاذ الجرح وبدأ بتطهيره
-ااه براحة شوية
-اهدي ماتخافيش انا هخيطهولك
حاولت التماسك وتألمت في صمت حتى فاقت من شرودها لما رأت تلك الإبرة في يده. لاحظ فورا الخوف البادي على ملامحها وإن حاولت أن تخفيه-ماتخافيش يا ريم دا مخدر عشان ماتحسيش بوجع وانا بخيط
بسرعة أعطاها الإبرة وامتلأت عينيها بالدموع. تمزق قلبه عند رؤيتها تبكي وتمنى لو استطاع أن يأخذها في حضنه ويطمئنها. وبمهارة أنهى عمله وضمد الجرح جيدا-أنا خلصت خلاص هتاخدي مضاد التهاب وهكتب لك مسكن
-ش شكرا
نهضت ببطء ظل يتأملها وقلبه يخفق بسرعة رباه كم يحبها ويتمنى أن تحبه ثم انتبه لشيء ما-ريم استني، انت قلتي انك اتعورتي من مسمار؟
-ايوه كان طالع من البنش وانا لما قربت الظاهر المسمار دخل في رجلي و...
انتفضت عندما رأته يعد حقنة أخرى! وقبل أن تكمل حديثها قاطعها متجاهلا الخوف البادي على وجهها-هتاخدي حقنة تيتانوس عشان أبقى مطمن أكتر.
لم يعطيها الفرصة لتعترض فقد كان سريع الحركة خفيف اليد أدارها وأعطاها الإبرة دفعت يده لا إراديا
-اااه انت اتجننت مين سمح لك، اااه وجعتني يا معاذ انت ايه اللي انت بتعمله دا والله ل أقول لبابا
ابتسم من خجلها وتألم لألمها-آسف اني وجعتك لكن دا لمصلحتك وبعد كدا ابقي خدي بالك وانت ماشية في الكلية
انصرفت غاضبة منه وظل يتأملها مبتسما