27

57 3 0
                                    

له عشر إناث متتابعات ليس بينهن ذكر حمي ظهره، فلم يركب، ولم يجز وبره، وخلي في إبله يضرب فيها، لا ينتفع منه بغير ذلك، وفي ذلك أنزل الله تعالى: ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة، ولا وصيلة، ولا حام، ولكن الذين كفروا يفترون على الله الكذب، وأكثرهم لا يعقلون [المائدة: ١٠٣] ، وأنزل: وقالوا ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا، وإن يكن ميتة فهم فيه شركاء [الأنعام: ١٣٩] ، وقيل في تفسير هذه الأنعام غير ذلك «١» .
وقد صرح سعيد بن المسيب أن هذه الأنعام كانت لطواغيتهم «٢» وفي الصحيح مرفوعا: أن عمرو بن لحي أول من سيب السوائب «٣» .
كانت العرب تفعل كل ذلك بأصنامهم، معتقدين أنها تقربهم إلى الله وتوصلهم إليه، وتشفع لديه كما في القرآن: ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى [الزمر: ٣] ، ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم، ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله [يونس: ١٨] .
وكانت العرب تستقسم بالأزلام، والزلم: القدح الذي لا ريش عليه، وكانت الأزلام ثلاثة أنواع: نوع فيه «نعم» و «لا» كانوا يستقسمون بها فيما يريدون من العمل من نحو السفر والنكاح وأمثالها. فإن خرج «نعم» عملوا به وإن خرج «لا» أخروه عامه ذلك حتى يأتوه مرة أخرى، ونوع فيه المياه والدية، ونوع فيه «منكم» أو «من غيركم» أو «ملصق» فكانوا إذا شكوا في نسب أحدهم ذهبوا به إلى هبل، وبمائة جزور، فأعطوها صاحب القداح. فإن خرج «منكم» كان منهم وسيطا، وإن خرج عليه «من غيركم» كان حليفا، وإن خرج عليه «ملصق» كان على منزلته فيهم، لا نسب ولا حلف «٤» .
ويقرب من هذا الميسر والقداح، وهو ضرب من ضروب القمار، وكانوا يقتسمون به لحم الجزور التي يذبحونها بحسب القداح.
وكانوا يؤمنون بأخبار الكهنة والعرافين والمنجمين؛ والكاهن: هو من يتعاطى الاخبار عن الكوائن في المستقبل، ويدعي معرفة الأسرار، ومن الكهنة من يزعم أن له تابعا من
__________
(١) ابن هشام ١/ ٨٩، ٩٠.
(٢) صحيح البخاري ١/ ٤٩٩.
(٣) نفس المصدر.
(٤) محاضرات تاريخ الأمم الإسلامية للخضري ١/ ٥٦، وابن هشام ١/ ١٥٢، ١٥٣.

                               _27_

كتاب " الرحيق المختوم "حيث تعيش القصص. اكتشف الآن