في هدوء الليل، نجماتٌ تَلمعُ بالأضواء، تُنير عَتمة الكون، وكأنَّها حبَّات سكرٍ سَقَطَتْ مِنْ طفلةٍ عَلى بِساطٍ أَسودٍ.
" بعضُنا يُحبُّ تأمُّلَ النُجوم، ربَّما اتَّخذْنا مِنها أصدقاء لَنا أو ما شابه، ولعلَّها تكون الملاذ الآمن من هموم الحياة. لطالما سَهرتُ أُحدِّثها، أَبثُّها آلامي، لعلَّها تُجيبُني. مِنَ المؤكَّد أنَّها تَعرِف الجواب، فَهي تدور وتدور حول الأرضِ ولا بد أنَّها سَمعَتْ بالحلِّ من أحدٍ ما. حسنًا رَيثما تجيبُني سَأظلُّ هُنا.. "
انتهيتُ من كتابة المنشور أو كما يقولون " البوست " وقمتُ بنشره على الـ" فيس بوك ". أغلقتُ هاتفي وأكملتُ تأملي للنجوم، أُفكر في مستقبلي وأحلامي المحطمة.
= لُبنَى.. لُبناااا.
+ سأقتلك أيها الفأر، أعااااا.
= قلتلك مية مرة متناميش ف البلكونة هتاخدي برد.
+ أنا منمتش ي ماما أنا صاحيه أهو.
= ي هانم الساعة 4 وسيادتك بتتأملي ف السماء، قومي صلي الفجر.
+ تمام يا فندم. قلتها وأنا أرفع يدي بجوار رأسي وضربتُ بقدمي الأرض، ثم أسرعتُ لكي أتوضأ.
= آاااه يا رب، امتى تعقلي ي لُبنى، حاسه إنك لسه ف ابتدائي.
..... أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله، اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت وتعاليت يا ذا الجلال والإكرام. أنهيتُ صلاتي وكففت دموعي، لطالما دَعوتُ الله باكيةً أن يصلح حالي ويرشدَني للصواب. صحيح أنَّني أخفقتُ في تلك المادة مرتين ولكنَّني مازالت على يقين أنَّ قضاء الله هو الخير.
+ يا رب أنا امتى اتخرج بقا، كل صحابي اتخرجو واشتغلو وأنا مكاني من سنتين، أنا تعبت خلاص حاسة إني مش هتخرج، إيه الهم ده... من الطبيعي أن تجدَني أتحدث إلى نفسي بصوتٍ عالٍ، قد اعتدْتُ على فعل ذلك وكأنَّني أتنفس مثلًا.
حسنًا، يوم جديد وبداية جديدة، أغلقتُ الشيء السام الذي يُسمَّى هاتفي كي لا يشغلني، فهو من أول المُلهيات بالنسبة لي، كثيرًا ما أقضي ساعات في تصفح مواقع التواصل الاجتماعي دون أن أشعر، ولربما مرَّ اليوم بأكمله دون خير يُذكر بسببها. أخذتُ ورقة وقلم وبدأتُ بالتخطيط للشهر المتبقي على اختبار المادة اللعينة. آه صحيح نسيت أن أُعرفكَ بنفسي، أنا لُبنَى طالبة في طب الأسنان في السنة النهائية، تجاوزت الرابعة والعشرين بثلاثة أشهر. الآن كل ما أدركتَ عنِّي هو أنَّني فاشلة، أليس كذلك. في الواقع أنا كذلك في نظر نفسي، فأنا أبذل مجهودًا ليس بالكثير، لا بأس به، ولكن لا أجني منه شيئًا.
كنت دائمًا ما أستخدم أسلوب الحفظ في تحصيل المعلومات الدراسية، وفقط الحفظ، لم ارهق نفسي في فهم ما أحفظه بشكل تام، إذا فهمت فمن عند الله، وإذا لا فلا شك أنَّ بحثي عن شرح للمعلومة أو سؤالي لأحد عنها كان سيستغرق وقتًا أطول من ذاك الذي ضاع في الحفظ بلا هدف والمراجعة آلاف المرات بدون جدوى، وطبعا مع نظام الأسئلة الجديد الذي أكرهه أكثر من الباذنجان المقليِّ والمدعو بالـ"MCQ" لم يجد التلقين عرشًا ليتربع عليه.
أنت تقرأ
أمسِك النجوم
Short Storyأنا لُبنَى طالبة في طب الأسنان في السنة النهائية، تجاوزت الرابعة والعشرين بثلاثة أشهر. الآن كل ما أدركتَ عنِّي هو أنَّني فاشلة، أليس كذلك. في الواقع أنا كذلك في نظر نفسي، فأنا أبذل مجهودًا ليس بالكثير، لا بأس به، ولكن لا أجني منه شيئًا.......