لا تجرب أن تنام على أحد شواطئ الإسكندرية ليلا، خصوصا في الشتاء، إستيقظت بسبب الرياح محاولة اقتلاعي لكنها فشلت، في يساري لفافة تبغ أطفئتها الرمال، تماما كإخوانها حولي، تمددت لأجد جسدا بجواري، تبا أنا من جئت بها.
استدارت نحوي ببطئ، كان شعرها يغطي وجهها و تقريبا أخذ الهواء كل ملابسها و لكنه غيور فترك لها غطاء يكسوها، أزاحت شعرها عن وجهها، كانت جميلة، كانت تشبهها، تشبهها جدا، كلهن مثلها، كلهن يستطيعون امتلاك عيني و شهوتي، لكن هي فقط من استحوذت على قلبي، أخذته و كأنها أنثى نسر تبحث عن طعام لأيتامها، و هربت.
- كانت ليلة جميلة، لكن الجو قارص ماذا دهاك لتجلعنا نقوم بليلتنا هنا
كانت تتكلم برقة و كأنها أنثى رقيقة، و كأنها لم تكن مع سبعون ألف رجل قبلي.أزحت الغطاء عن جسدي و اعتدلت، البحر أمامي يضرب بأمواجه كأنه يجلد زانيا في عهد الخلافة، فترد الرمال ماؤه بسرعة ليضربها من جديد، الرياح تضرب صدري و قدمي العاريتين و كأنها أستفزت من قلة ملابسي، و كأنني أشعر بالبرد من الأصل، عندما تبرد الروح ولا تجد دفئا لها يصبح الثلج ككوب شاي، الحياة كلها كوب شاي سئ.
أشعلت سيجارا آخر، طوقتني بذراعها و سحبتني لأستلقي بجوارها
-كل تلك السجائر و لم تجلب زجاجة خمر واحدة، و لم تسمح لي حتى بجلب واحدة
- لأنها محرمة
ضحكت بصوت جعل الرمال تهتز من الصدمة، جعلت البحر يضرب الرمال بأمواجه أكثر، هناك سحابة جائت خصيصة لتمطر و ترعد بسبب الضحكة
- من الواضح أنك لا تشعر بالهواء البارد لكن هل تشعر بأنفاسي الملتهبة
بدأت تقترب مني أكثر، دفعتها بقوة غير مبررة أبعدتها كثيرا عن مكان نومنا على الشاطئ، لن يهم فهي عاهرة لعينة اعتادت على كل هذا، قمت و توجهت نحو اللا شئ
-الأموال في بنطالي خذي ما تشائين، تحياتي للرجل الذي ستنامين معه بعديبالتأكيد ستنظر لي بدهشة فلتذهب للجحيم، لن تعاني من أجل الوصول له فهو في كل مكان، آهٍ يا مريم، لم لست هنا، لم يا مريم، أهناك رجل أخر؟ أم أنك صدقتي كونك عذراء ستلدين المسيح تحت جزع النخلة و تهزيها فتسقط رتبا طريا،يا مريم جزع النخلة سيسحقك إن حركتيه، يا مريم أعلم أنه لا يهمك لكنه كان قلبي.
لم يكن فقط الحب حتى و إن كان الحب هو محور كل شئ، نحن نكره لأننا لم نحب، نحن نكتئب لأن العالم لم يحبنا، نحن نسرق لأن الغنى لم يحبنا، نحن نزني لأن أحبائنا لم يبالوا بنا، لم يحبونا، هم يعملون ليجعلوا رؤسائهم يحبونهم، الحب هو محور الحياة لكنه لم يكن هو فقط يا مريم.
حاولت الوصول لكِ بعدما أصبحت حياتي عجوز عاقر لا تلد ولا تحيض، نهر راكد لا يتجدد مائه بل يتبخر و يتسخ، كنت أملي في أن أعود، أعود إلى الحياة، أعلم أنك لا تعرفين كوني حيا أو أتشاجر مع الأموات في قبري، لا تعلمين حتى أن الحياة تحملني من الأساس، ليتك تعلمين.
أنت تقرأ
ليتك تعلمين
Short Storyلم تعد الأرض صلبة من تحتي، خصري أصبح يغطيه الماء، الأمواج تقذفني للوراء لكن من يأبه بها، أتعلمين أيتها الأمواج أنك لست الأولى التي تعيدني بعد كل خطوة تقدم، كنت عندما أتخذ خطوة للأمام يعيدني كل شئ، لم يكتب لي الفرح، الكل أخذ قلبي الكل أرهقني، لم أسلم...