«هل رأيت الأخبار الأخيرة؟ بعابع الربيع!»
تحدثتْ فتاةٌ ما بشعر أسود وعيناها متسعتان من هول ما تسمعه من الأخبار، تُوّجه حديثها نحو الذي يقابلها، فتىً بشعر كستنائي وعينان خضراوان.
«نعم لقد شاهدتُ الأخبار، فقد ورد بأنهم مخيفون حقًا وقاسيون وأشرار، لا يرحمون من يقع بين أيديهم.»
نبس الشاب بنبرة متوترة وخائفة وهو يرسم في رأسه خيالاته عن بعابع مجتمعة حوله تحاول الانقضاض عليه لتأكله، فصرخ خوفًا من تلك التخيلات مما أفزع رفيقته.
الأخبار منتشرةٌ في العالم البرتقالي حول بعابع تتنوع ألوانها الصفراء والبنية والزرقاء والخضراء والوردية والبنفسجية... بأشكال مخيفة ترعب أعتى القلوب، يقال بأن لهم أسنانٌ كبيرةٌ وحادة يمكنها أن تأكل بها أي شيء، وأظافرهم الطويلة تمسك فريستها جيدًا، وأعينهم مخيفةٌ حد الجحيم، ما إن تنظر إليك حتى يرتعد جسدك وقلبك خوفًا وذعرًا مما ترى. ناهيك عن ضخامة أجسادهم! وليس ذلك فقط، بل هنالك ماهو أشدّ فتكًا خطورة؛ إنه البعبع العملاق الأكبر والبعبوعة زوجة البعبع ربيع، ويحكى أنهم أشد رعبًا من البعابع الأبناء والأحفاد، وهم قساةٌ لا يرحمون، من يصادفهم يذهب في خبر كان، إنهم الرعب والموت بحد ذاته.
هذا ما تم تداوله في أخبار هذه الأيام حول البعابع المخيفة، وجاء أيضًا؛ أن الكثير من البشر الوتباديين تم فقدهم بسببهم، ولكن هل كان كلامهم صحيح؟
«أسمعت بأن أي شخص يقابل بعبع سوف يأكله؟ هذا مخيف!» أردفتْ ذات الشعر الأسود الطويل مجددًا وهي تسير بجانب صاحب العينين الخضراوين، وعيناها لا تتوقفان عن مراقبة الطريق من خلفهم ومن أمامهم.
فراح ذو الشعر الكستنائي يقول برأس مرفوع كأنه أقوى الأبطال في العالم: «لا تقلقي، لن يحدث شيء وأنا موجـ... بعبع!»
صرخ كما تصرخ فتاةٌ رأت صرصورًا ذو شاربين وهي تستحم، واختبأ خلف صديقته وقدماه ترتجفان حتى كاد يبلل نفسه!
انتفضت الفتاة خوفًا عندما رأتْ البعبع الذي يقف في آخر الطريق ينظر نحوهم، كان كما تم وصفهم... مرعب! فراحت بعقلانية -رغم الخوف الذي يتملكها والذي كان ظاهر من رجفة جسدها- تخاطب الفتى المتفاخر بقوة عضلاته التي لم تدم ثواني خلفها: «دعنا نعد لثلاثة ونهرب، واحـ... ويا للهول! هل هربت وتركتني وحدي؟»
نظرتْ نحو الخلف ووجدته قد أصبح بعيدًا عنها، وها هي وحدها مع البعبع الآن، ابتلعت ريقها ببطء ثم أعادت أنظارها إلى الأمام فانتبهت أن البعبع على بعد بضع خطوات عنها فقط.
صرخت بقوة فصرخ معها البعبع كذلك، هي تصرخ وهو يصرخ أيضًا، إلى أن توقفت وتساءلت بعدم فهم: «لمَ تصرخ؟»
أجاب البعبع بصوته الغليظ.
«أنتِ من صرخ أولًا!»
وما إن سمعت الفتاة صوته؛ حتى صرخت بقوة أكبر وراحت تركض مرعوبةً بعيدًا عنه، فتجمد البعبع مكانه ظنًّا منه أن هناك شيء خلفه أرعب الفتاة فصرخ معها وركض خلفها هاربًا من الشبح الذي وراءهما!
ما أن رأته الفتاة يركض وراءها فتمتمت محدثةً نفسها: «سيأكلني، سيشويني، سيحضّر مني حساءً طيبًا وجميلًا ورائع المذاق لأنني رائعة وجميلة، أرجوك أيها الوحش لا تضع بصلًا أو أي ثومٍ عندما تطهوني.»
بينما كان البعبع يركض وراءها خائفًا وعقله لا يفهم ما تتحدث به، هتف: «ولكن الحساء لن يكون لذيذ المذاق دون البصل أو الثوم!»
دعونا نبتعد عن تلك الصورة المخيفة ونتجه نحو الحقيقة والتي هي: الربيع العربي الثقافي، مشروعٌ جادٌ يهدف لتحقيق تغييراتٍ عميقةٍ في الأدب العربي ابتداءً من الواتباد. تكوّن من اجتماع عشرات الثقافات، الأفكار، الشخصيات المختلفة، ساعين كلهم نحو هدفٍ واحد. ولكن هذا ليس كلّ شيء؛ لا يقتصر مشروعنا على الجديّة، بل يحتويّ عالمًا مختلفًا آخر في ثناياه.
في الطريق لتحقيق ما نبتغي، عُقِدَت مئات الروابط الخفيّة. الصداقات، الثرثرات، الضحكات ومشاركة الأفراح والأتراح. الروح العامة السائدة في المشروع هي ما يمنح الرحلة جمالًا خاصًا يضاهي جمال الوصول للهدف.
وما كان هذا الجزء داخليًّا بالكاد يظهر لمن هم في الخارج، فقد ارتأينا أن نشارككم جمال رحلتنا كما نشارككم جمال الوصول.
من هنا انطلقت الفرق الخمسة في إصدار أول كتاب مشترك، أقاموه معًا من الصفر: ما وراء البعبع!
كتابٌ نشارككم به متعتنا، ونعرفكم من خلاله على الوجه الآخر لحياة «البعبع» الذي تكوّن من الفكرة السائدة حول مشروعنا، وبهذا سنكسر حاجزًا جامدًا فاصلًا بيننا وبينكم.
وأخيرًا، بعد ركضٍ مرهقٍ مسافةً طويلة والفتاة والشاب يظنان بعبع يطاردهما وبعبع المسكين ينظر خلفه؛ ظنًّا منه أن هناك من يطاردهم جميعًا وكما يقول المثل: «بطتنا بطّت بطتكم!»
فتوجه البعبع نحو زوجته بعبوعة هاربًا إليها، يلتقط أنفاسه المتقطعة ويشحن طاقةً متجددة لتعويض الهرمونات المبعثرة طول الطريق عبر قبلةٍ رومانسية عميقة وطويلة جدًا جدًا معها… لن تحصل عليها أيها المُتابع «السنجل» البائس في حياتك.
وفجأة، تحوّل البعبع إلى أميرٍ رجولي شامخ الطول مع لباس رسمي يزيده أناقةً وجمالًا وجسدًا متناسقًا، وتحوّلت بعبوعة إلى أميرةٍ رقيقة كحبّة طماطم ناضجة مع شعرها الطويل المتدلي إلى خصرها مرتديةً فستانًا عصريًّا فخمًا...ظهرت حقيقتهما وعاشا بثباتٍ ونبات وتوتة توتة خلصت الحتوتة.
أما بالنسبة لك عزيزي المتابع المُتذاكي الذي سيسأل: ماذا عن الأطفال البعابع؟ ألن يتحولوا هم أيضًا؟ إجابتنا لك… لا تُدمّر حبكة قصتنا الفخمة ولا تسأل سؤالك، وحينئذ تنتهي المشكلة.
هل أعجبتك قصة ما وراء البعبع؟
انتظر معرفة المزيد من الأسرار وقراءة المزيد من القصص الربيعية الممتعة في فصول هذا الكتاب...
ولا تنسَ دعوة أصدقائك ومشاركتهم المتعة (منشن).
أبعد الله عنكم كل البعابع الحقيقية وكشف القناع خلف البعابع التي تُخفي حقيقتها الرقيقة، نراكم قريبًا!
كان معكم ثلاثة بعابع عدن وروجينا ونيرفانا.
نلتقي قريبًا أحباءنا!
أنت تقرأ
ما وراء البعبع
Random-هل تُريد معرفة ما يكمنُ بين طيّات «ما وراء البعبع»؟ لا تخجل عزيزي! شُدّ رحالك وهلُم معنا، هنا أين المخلوقاتُ الغريبَة وظواهر ما ألفتها عيناك قط، ألستَ فضوليًا كفاية لتعلم ما وراء بعبنا؟ ادخل لتسافرُ بين أقطار هذا العالم المثير للحماس؛ لكن إيّاك أن...