اللحن الأخير

807 49 61
                                    


نظر إلى السماء الملبدة بالغيوم بشيء من الشرود، يشغل تفكيره أمر الحقيقة المُرة التي اكتشفها قبل قليل وهو يقوم بزيارة لمقر شرطة العاصمة في طوكيو، شّد من قبضته على مغلفٍ كان يحمله، فقد كان السبب الأساسي لمجيئه من محافظة ناغانو؛هو وجود هذا المغلف المُرسل إليه، صدرت تنهيدة خافتة عن المفتش موروفوشي تاكاكي وهو ينقلُ خطواته بتثاقل في الشارع المزدحم.

'عليّ اخبارها، مهما بدا الأمر غاية في القسوة'

...

وقف امام باب شقة سكنية في احدى ضواحي طوكيو و استغرق بعض الوقت يرتب لما سيقوله وهو يمدُ يده ليقرع جرس الباب، لم يدم إنتظاره طويلاً، فبعد برهة قصيرة، سمع صوت خطوات تقترب من الباب ثم فُتح لتظهر فتاة أخذت ترمقه بشي من عدم التصديق.

- ..انت..موروفوشي سان أليس كذلك؟

- استمحيكِ عذرا يا آنسة، فقد جئت من غير موعدِ مُسبق.

رأى شفتيها ترتفعان في ابتسامه ودية وهي تشير له بأن يرتقي عتبة الباب ويتفضل بالدخول.

- لم أكد اصدق ما رأيت من خلال شاشة جرس الباب، يا إلهي..كم مضى من الوقت على آخر لقاء لنا؟ اهي عشر سنين؟ انت لم تتغير مطلقاً.

أراد ان يقول انها لم تتغير أيضاً ، بل ازدادت جمالاً عما يتذكره، شعرها المنساب كنهر داكن و عيناها المفعمتان بالأمل، لكن التفكير بما جاء للقيام به جعله يشعر بوخزة ألم في صدره، وأكتفى بعدها بإيماءة شكر مهذبة.

- ارجوك، تفضل بالجلوس، هل سيكون كوب من الشاي الاخضر مناسباً؟

كانت قد اصطحبته لغرفة الجلوس، و تصرفت تماماً كمضيفة لبقة ، و على الرغم انه حاول رفض الشاي إلا انها اصرت على ذلك وهي تختفي داخل المطبخ.

'انكِ تصعبين الامر علّي اكثر فأكثر..آياسي ناناكو'

قال في نفسه وهو ُينزل المغلف برفق على الطاولة، و ينتظر عودة مضيفته بصمت.

ساد جو من الألفة و الهدوء خلال تقديمها للشاي التقليدي، و تبادلا أطراف الحديث، عن الفترة الطويلة التي لم يلتقِ اَي منها بالآخر و عن حياتهما في الوقت الحالي، ثم تطرق الموضوع بعفوية منها إلى الحديث عن الامر الذي خشيَ موروفوشي من فتحه أمامها:

- ينقصنا وجود هيرو ليعود الامر كالأيام الخوالي.

امتعض وجهه، و انزل كوب الشاي، لم تفوت هي ملاحظة تبدل ملامحه و الألم المفاجىء الذي اكتسى محياه، سألته بإهتمام:

- هل انت بخير موروفوشي سان؟

غمغم بصوتِ يملؤه الحزن:

- في الواقع يا ناناكو-سان انا هنا اليوم لأناقش مسألة تتعلق بأخي الصغير..

اللحنُ الأخيرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن