ملأت أنغام الموسيقى الشجيّة ارجاء تلك القاعة الواسعة، و تلألأت الثُريّات الضخمة المتدليةُ من سقفها العالي، مُلقيةً بأضواءها البراقة على الارضيّة الرخامية، حيثُ احتشد جمعٌ من رجالٍ يرتدون البدلات الرسمية و يحملون الكؤوس الزجاجية ويلوحون بأيديهم بحماسة في اثناء حديثهم، و على مقربة منهم وقفت مجموعة من السيدات المتألقات في فساتين السهرة الفضفاضة و تُزين وجوههن مساحيق التجميل بشكلٍ مبالغ، وتتعالى أصوات ضحكاتهن لتتردد أصداؤها في الارجاء.
قد تبدو للوهلة الاولى مجرد حفلة راقصة معتادة، كالتي تُقام بشكل دورّي بين أفراد المجتمع الأرستقراطي، ولكن الحقيقة انها أشبه بساحة صيد، هناك فرائسٌ و خططٌ ماكرة تحاك في الخفاء للإمساك بها، او على الأقل هي كذلك من وجهة نظر الفتاة التي انسلّت بهدوء لتخرج الى الشرفة دون يلاحظها احد.
أطلقت زفرة طويلة تنمُ عن الارتياح فور خروجها للشرفة، هواء المساء العليل يداعب وجنتيها بلطف، و شعرت اخيراً بأنها قادرةُ على التنفس. في الداخل، كان الجو خانقاً و مملوءاً بدخان التبغ و الأحاديث الفارغة و المؤامرات، حتى بات بقاؤها هناك أمراً ارادت إنهاءه بشدة.
-لو كان بإستطاعتي الإختباء هنا لحين انتهاء تلك الحفلة التافهة..
قالت ذلك وهي تُحدث نفسها بصوتٍ مسموع، و تسندُ ذراعيها على حافة السور المُطل على حديقة ذلك النُزل الفخم، حيث تقام الحفلة، تنهدت بتعب وهي تريح خدها الى راحة يدها، و تأملت بشرودٍ حديقة الأزهار في الأسفل، وكيف توسطتها نافورة حجرية ذاتُ تصميمٍ أخاذ، يُظهر بوضوح مدى ثراء صاحب المنزل.
-لم اتوقع ان يأتي أحدٌ الى المكان الذي أردتُ الاختلاء فيه بنفسي لبعض الوقت.
صدرت عنها شهقة خوف وهي تلتفت للخلف بحدة، لم تنتبه أبداً الى وجود شخص اخر في الشرفة، ولَم تسمع وقع خطواته ان كان قد جاء من بعدها.
-اعذريني يا آنسة فلم اقصد افزاعكِ.
فهمت اخيراً لماذا لم تلحظ وجوده، فقد كان يقف بجانب المدخل و تلقي الستائرالمخملية المتدلية على جانبّي الباب بظلالها عليه حتى بات الانتباه إلى وجوده اكثر صعوبة، بالاضافة إلى انه لم يُصدر اَي صوتٍ حتى الآن.
كانت الصدمة لا تزال تكتسي ملامحها، و هي ترمقه بعينين محترستين و تبدو متأهبة كحيوانٍ صغير يواجه الخطر، رأته يتقدم بخطواتٍ ثابتة نحوها، و اخيراً انقشعت الظلال عنه، و تحت ضوء قمرِ تلك الليلة الصافية، استطاعت رؤيته بوضوح.
كان الشاب الذي وقف على بُعد بضعة أمتار منها، يرتدي بدلةً سوداء أنيقة، تزينُ جيب معطفه العُلوي زهرة حمراء يانعة، و يُسرحُ شعره البُني الداكن بترتيب، يحدق بإتجاهها بعينين تلمعان بلونٍ زمردي فريد و تعلو شفتيه إبتسامة مهذبة مُعتذرة، رأته يحمل كأساً نصف مملوءة بِالشَّرَاب و يخفي يده الاخرى خلف ظهره.
أنت تقرأ
وردةُ ضوءِ القَمر
Fanfiction"مالذي تريدُ معرفته..؟" "كل شيء دفعكِ لكُره هذا المجتمع." حين تجمعُ الصدفة الإبن الأكبر لعائلة موريارتي بفتاة تمتلكُ تفكيراً مشابهاً له، لدرجة تشعلُ فضوله لمعرفة المزيد عنها ون شوت تجمع شخصية ألبرت جيمس موريارتي من أنمي و مانغا -مورارتي الوطني- و شخ...