وصل اليوم خبرٌ سيء لعائلتي عني، لم يتوقع أحد أن أموت فجأة هكذا و بهذه الطريقة، إنقلب بيتي رأساً على عقب الجميع في حالة صدمة أمي التي إتصلت بها الشرطة و أخبروها بأنني قد تعرضت لحادث سيارة شنيع، أمي التي لم تصدق أخبرت أبي و سمعها بقية إخوتي الذي بكوا فور سماعهم.
جدتي أيضاً وضعت يدها على قلبها و قالت و دموع تملئ عينيها :- حفيدتي الصغيرة.
أمي و أبي و بقية العائلة وصلوا إلى المستشفى حيث و الأطباء هناك، بدءت أمي تسألهم عني و أين يمكنها أن تجدني أخبروها أن سيارة الإسعاف التي تحمل جثتي المحترقة لم تصل بعد بسبب إزدحام الطريق و المطر أيضاً، عندما وصلت كانوا يضعون غطاء أبيض على وجهي مررت و بجانب أمي و أبي و أنا على السرير الذي كان يحيط به المسعفون و يدفعونه إلى غرفة الموتى، أمي لم تصدق أن إبنتها قد ماتت و لن تراها في حياتها أبداً، كانت تصرخ و تبكي و أبي يحاول أن يهدءها على الرغم من تظاهره بعد الضعف أمامها، حاولت أمي اللحاق بي لكن أبي منعها كانت أمي ترغب في رؤيتي و لو دقيقة فقط، لكنهم مازالو غير متأكدين ما إذا كانت أمي ستتحمل رؤيتي بهذا الشكل المتفحم أم لا، خرجت المسعفة تحمل قلادتي المحترقة و أعطتها لأمي و تأسفت لم تتحمل أمي التي جلست تحتضن القلادة التي أهدتني إياها في عيد ميلادي الخامس عشر و هي في نوبة بكاء شديدة، أما عن أبي ماذا سأقول عنه كان يكتم بداخله و دموعه تسقط واحدة تلو الأخرى، أخي الذي بقي دون أن أزعجه كل صباح عند ذهابي للمدرسة و أختي التي لن أستعير منها ثيابها مرة أخرى و جدتي التي لن تحيك لأحد غير ثياب صوفية دافئة، و أصدقائي لن يروني مجدداً حتى الأشخاص الذين يكرهونني لم يصدقوا خبر موتي أبداً بكى الجميع لأجلي، حتى أنه ظهر لي معجب سري من المدرسة حزن لأجلي و ندم على عدم إخباري بمشاعره نحوي، غرفتي أصبحت فارغة لن أعود إليها و بعد الدوام و أرمي حقيبتي و أتسطح فوق سريري، لن أرد على هاتفي و لا على الإنترنت، لن أستعمل ثيابي مجدداً، لن أتجول في بيتي و أضحك مع عائلتي و أمزح و أتشاجر مع إخوتي.أرسلتني أمي لأحضر دواء لجدتي فتأخرت عن العودة للبيت عدت حزينة عما حدث، دخلت إلى البيت حزينة و أرغب في البكاء ناديت أمي و لكن يبدو أنها ليست في البيت، فتشت عنها و عن يقية إخوتي و لم أجدهم، حتى أن هواتفهم في البيت لم يأخذوها معهم.
إنتظرتهم في غرفتي حتى أخذتي النعاس كنت أستيقظ بين الفترة و الأخرى.
إلى أن سمعت صوتهم و قد أتوا نزلت من الدرج و وقفت عنده عندما رأيت الجميع في حالة يرثى لها و قفوا عندما رؤني و كأنها المرة الأولى التي يرونني فيها.
قلت :- أين كنتم ؟
الجميع متجمد في مكانه أسقطت أمي قلادتي من يدها و جلست على الأرض فجأة أما عن جدتي فقد جلست أيضاً و أكن أقدامها لم يحملوها عند رؤيتي.
تساءلت ماذا يجري، أين كنتم و أين وجدتي قلادتي ؟
إقتربت مني أختي و لمست وجهي بلطف و عانقتني وبدء تبكي بصوت عالي و أخي أيضاً أتى و عانقني و بكى أيضاً بدوء يعانقونني واحد تلو الأخر و أنا حقاً لا أعلم ما الذي يحدث ؟ و لما يتصرفون هكذا ؟ و أين كانوا ؟
بعد حين و في غرفة المعيشة و جميع حولي إنتهت أمي من إخباري بما حدث و هي تمسك بيدي و تتأمل وجهي و تحمد الله كل دقيقة، أخبرتها أيضاً عما حدث معي و أني قد أضعت قلادتي في مكان ما تأخرت في البحث عنها في الأماكن التي مررت بها و عتذرت لها.
عانقتها و تخيلت ما حدث لها و كيف عانت، تمنيت أن هذا لم يحدث ماذا لو كان الأمر صحيحاً و مِت ؟ لا أرغب في تفكير بذلك، واصلت معانقة أمي و بقية إخوتي و أبي و جدتي.
تلك الجثة المحترقة التي لم تكن لي و ظنت أمي أنا أنها كانت لشخص الذي وجد قلادتي حيث أضعتها و أخذها و تعرض لذلك الحادث المأساوي أنا حزينة لأجله و أتمنى لعائلته الصبر.
ظلت أمي بجانبي في غرفتي حتى نِمت كنت أشعر بيداها تداعب شعري و قبلاتها على جبيني، كنت أشعر بباب غرفتي يفتح كل مرة كانت أمي تطمئن علي في كل دقيقة.
بسبب ما إعتقد البعض أنه حدث لي، علمت كم أن عائلتي تحبني و كم من أشخاص يهتمون لأمري و لا يتمنون ليّ السوء رغم الخلافات، بسبب ماحدث إعترف لي أحدهم بأنه معجب بي و يُكِنُ ليّ المشاعر.
وهذه قصة موتي التي لم تحدث بعد.