أين أنا؟

69 5 1
                                    

استيقظت لأجد غرفتي مليئة بالغبار كأن شخصا لم يدخلها منذ سنوات،
ربما لم الحظ الامر إلا الآن بسبب الانارة،
اليوم دخلنا عاماً جديداً..
كل ما اذكره من الليلة الماضية هو ذهابي مع صديقي الى الجبل لاشعال الالعاب النارية..
ثم لا اذكر شيئا بعدها...
اعتقد انني ثملت فنسيت كل ما حدث... لا يبدو للامر اهمية على كل حال..
نزلت بعد دقائق من استيقاظي الى المطبخ كما افعل يومياً..
لابد ان امي حظرت لنا فطائر محلات كما تفعل في كل رأس سنة.. رائع!
دخلت المطبخ فألقيت التحية على الجميع.. بمن فيهم اختى المزعجة الصغيرة..
تبدو أكبر و أنضج...ايحدث هذا في ليلة واحدة؟ ربما لم انتبه لها الاّ الآن..
هي كعادتها لم تردّ عليّ.. لكن امي شاركتها تجاهلي هذه المرة..
اعتقد انني اغضبتها و انا ثمل بالأمس.. تبدو حزينة بعض الشيء..
جلست الى مقعدي ليصبح واضحاً لي أنها غاضبة مني..
هي لم تضع أي طعام لي.. لهذا نهضت لأعبّر عن استيائي أيضاً..
هاهو أبي يرتدي ثياباً رسمية.. بالتأكيد سنزور جدتي ككل سنة..
ستعطيني مبلغاً من المال كما تفعل دائماً، و أنا بطبيعتي سأشتري به ثياباً جديدة..
يتجاهلني هو الآخر مما يعني أنني بورطة، بدأت أفكر في ما قد أكون فعلته الليلة السابقة.. يجب ان اعتذر قريبا حتى لا يتم استثنائي من الهدايا...
-فلنذهب. قالها أبي بحزم فقامت أختي تركض نحو السيارة، تلك الطماعة الصغيرة تحب منزل جدتي فقط من أجل المال.
-نحن جاهزون، هيا بنا. أجابته أمي و الحزن جلي على وجهها، لا بد أنها تشاجرت مع جدتي عبر الهاتف، تبدو أمي أكبر اليوم، نال منها الزمن هذه المسكينة.
-لا تبكي ككل عام، هو الآن في مكان أفضل. ترى ماذا يقصد أبي بهذا الكلام؟ مم ستبكي أمي؟؟؟
ركبت السيارة مع اختي و ابي في انتظار امي، سألتهما من الذي في مكان أفضل فتجاهلاني.
وصلت أمي بثياب سوداء ووجه حزين، فانطلق أبي..
لسبب ما لم يكن يقود في اتجاه منزل جدتي، هل غيروا العادة التي نفعلها كل سنة؟ دون اخباري حتى؟ 
بعد قيادته لنصف ساعة وصلنا أخيراً..إلى..
إلى المقبرة؟!
من في المقبرة؟؟؟ سألت مراراً فتجاهلني الجميع! الأمر تجاوز حدود صبري..
دخلوا القبرة متجهين الى قبر يبدو أنهم اتفقوا على زيارته دون إعلامي طبعاً..
وقفت معهم الى جانب الشاهد...
بدأت أمي بالحديث معه و الدموع تملأ وجهها..
-اشتقنا اليك يا عزيزي، ليتك عدت باكراً في تلك الليلة..
كان ابي ممسكاً يدها محاولاً تعزيتها..
من هذا الميت الذي قررنا زيارته اليوم فقط؟
-مرت سنوات ومازلت تبكين عليه بنفس الدهشة، كفى يا عزيزتي هوّني عليك.
و انهارت أمي من البكاء ..
لم افهم شيئاً.. فانتبهت الى أن اسم عائلة الميت هو اسم عائلتنا، أليس من المفترض أن ابي هو من يحزن أكثر؟ ففي النهاية قريبه من مات و ليس قريب أمي..
هل أسموني عليه؟ لنا نفس الاسم!
لحظة!
تبا هل تمزحون معي؟ أهذا مقلب؟؟؟
لابد أنهم يعاقبونني بهذا المقلب السخيف!
تاريخ ميلاده هو تاريخ ميلادي...
"هنا يرقد الابن و الاخ جايكوب واتسون،
13.05.1992--31.12.2011
فليرقد بسلام"
هذا التاريخ مرت عليه ثلاثة أعوام..
مهلا! الى اين يذهبون؟ ألا يلاحظون وجودي هنا ! توقف يا أبي ..
انطلق أبي بالسيارة دون أخذي معهم ...
ماذا يجري؟؟

ضائع بين العوالمحيث تعيش القصص. اكتشف الآن