لا تخبري أمي "قصة قصيرة"

224 55 53
                                    

في ثاني عشر من أغسطس عدت إلى البيت بعد منتصف الليل كنت أحتفل أنا و أصدقائي بعيد ميلادي الثامنة عشر، كنت سعيدة لم تفارق الإبتسامة وجهي إلا عندما دخلت إلى البيت لأرى كمية دماء على الأرض بشكل مثناثر و أغلبها كانت ناتجة عن جر أحدهم لجسم ينزف، لم أفكر بشيء غير أختي سامانثا، دخلت غرفتها و لم أجدها عدت و تتبعت أثار الدم لأجدها تجلس على الأرض في المطبخ و تمسك سكين ذو حجم كبير و ثيابها كانت ممزقة بعض الشيء و دم حولها و على يديها ووجها و إلى جانبها جثة رجل مغطاة بدماء، نظرت إلي و من ثم عادت لتنظر إلى الجثة كانت تبكي بلا صوت و كأنها دخلت في نوبة ما.
لا أستطيع وصف ذلك الشعور الذي أنتابني عندما رأيت كل ذلك، كل ما فعلته هو أنني ذهبت إليها أحاول أن أفهم ماذا حدث، لم تقل كلمة غير لقد قتلته.
ظلت ترددها دون توقف، بين البكاء و الخوف فهمت منها أنه إقتحم البيت و كان سيحرقه و أنها حاولت الصراخ و طلب المساعدة لكنه أراد قتلها لكي لا يُفضج أمره و بطريقة ما قتلته هي.
كنت أرى أختي خلف القطبان مدى الحياة لم أستطع أن أقف مكتوفة الأيدي، عليّ أن أفعل شيء
صاحب الجثة كان رجل أربعيني لا نعرف من يكون و لا يهمنا من يكون كل ما كان يشغل بالنا كيف سنتخلص من الجثة قبل عودة أمي، قمنا بجر الجثة نحو القبو هناك، و جلسنا نفكر ما التالي كان على جثته أن تختفى لا نريد لشرطة أن تعثر عليها و أن ندخل السجن، أخذت منشاراً و سكاكين حادة و طلبت من أختي أن تساعدني في تقطيع أطرافه و وضعها في أكياس، كنا ننظر إلى بعضنا و كأننا نقول إذا بدءنا هذا فلا يوجد طريق للعودة، عند الثالثة بعد منتصف الليل كنا قد أنتهينا، رائحة الدماء تملئ المكان ليس هذا فحسب بل ثيابنا كلها أصبحت تغطيها الدماء، وضعنا الأجزاء في 3 أكياس و علينا الآن تنظيف المكان حملنا تلك الأكياس في سيارة، إستغرق تنظيف البيت 4 ساعات و نصف علاوةً على القبو الذي أشرقت الشمس و نحن ننظفه أكثر من مرة و نمسح كل الأثار و البصمات، أما ثيابنا و ثياب الجثة قد وضعناهم في المدفئة الخشبة و إحترقت حتى أصبحت رماداً و قمنا بوضع حطب جديد و إشعال النار مجدداً، صعدنا السيارة و توجهنا نحو أكثر الأماكن المعزولة إلى غابة كبيرة إستغرقنا في الوصول إليها 3 ساعات و نصف، مُنعت الناس من دخول تلك الغابة و وُضِعت لافتات تحذيرية لعدم الدخول لإحتوائها على منحذرات خطيرة و صخور زلقة و كثرة الحوادث الموت و السقوط أثناء التخييم هناك، لم نفكر في ذلك، فقط دخلنا إلى هناك بعد أن رسمنا طريق لنعود منها، بعد إنتهاء من حرق الجثة بالكامل و تأكد منها نظفنة السيارة و من ثم أخذنها إلى التنظيف و عدنا إلى البيت و قمنا بطلب خادمة لتنظيف البيت مجدداً لتأكد ، بعد ساعتان ذهبت الخادمة و بقيت أنا و أختي لم نتكلم معاً منذ أن حدث ما حدث حتى الأن.

- نحن إختان أنا لانا و أختي سام "سامانثا" توفي والدنا عندما كنا في عمر السنتين تقريبا، عندما بلغنا الخامسة عشرة سافرت أمي لتعمل في الولايات المتحدة و تركتنا مع جدتي في كندا، كانت تتصل بنا يوميا و تسأل عنا، إلى أن تزوجت هناك كان كل شيء على ما يرام لكن بعد سنة من زواجها قررت الإنفصال عن زوجها و لاتزال قضية طلاقها مستمرة بسبب رفضه لطلاق.
جلستها الاخيرة ستكون الشهر القادم، فقررت أمي أن تعود لتبقى معنا حتى نهاية هذا الشهر.
جاءت أمي و لم نخبرها بما حدث و كأننا لم نفعل شيء لازلنا نحاول نسيان الأمر و عدم تذكره مر أسبوع، لتتصل الشرطة بأمي لتخبرها بأن عائلة زوجها بلغت عن قفدان إبنهم من ثمانية أيام تقريباً، مما جعل أمي تعود إلى الولايات المتحدة لتفهم ماحدث، كانت أمي تخبرنا بكل تفصيل جديد عن الأمر، الجميع يشك بأنه قد لحق بأمي إلى هنا، لكن أين هو ؟، بعد تحقيق تبين أنه أسمه مُدرج في قائمة المسافرين إلى كندا، الغريب أنه سافر قبل أن تعود أمي ب ثلاثة أيام.
في يوم ما كانت أمي تتحدث إلينا عبر السكايب طلبت منا أن ننشر صور زوجها في جميع الأماكن العامة على أمل يتعرف عليه أحد أو يكون قد رآه أحد، فأرسلت لنا صورة له بعد أن أنهت الإتصال معنا.
الصدمة عندما إستلمنا تلك الصورة، كانت لنفس الشخص الذي إقتحم البيت و قمنا بتقطيعه و حرق جثته، أجل إنه هو زوج أمي الذي لم نعرفه و لم نراه في حياتنا أبداً.
دخلت سامانثا في حالة إكتئاب كانت ستعترف بالأمر فطُررت الأخذها لطبيب و وصف لها بعض المهدءات.
بعد تفكير إستنتجت أن المشاكل بين أمي و زوجها كان أكثر مما نتخيل، أعتقد بأنه علم بأنها ستسافر فسافر قبلها لينتقم منها و يحرق البيت لكنه لم يتوقع أن يجد سام هناك.
مرة شهر و سنة و سنتان لا تزال قضية البحث مستمرة، لا يزال هذا السر دفين و سيبقى ذكرى سئية لنا و ثغرة عميقة تلطخ حياتنا.
أصبح الآن عمري 32 سنة تزوجت و لديّ طفلة و أعيش حياة هادئة، أما سامانثا فقد أصبحت في 28 سنة و قريباً ستصبح محامية متفوقة.
أما أمي أصبحت تملك مطعما للوجبات السريعة، و لا تزال ليومنا هذا متمسكة بأمل أن تعرف ما حدث لزوجها بعد أن أعلنت الشرطة أنه ربما قد توفيّ، و أغلقت القضية نهائياً.

🎉 لقد انتهيت من قراءة لا تخبري أمي 🎉
لا تخبري أميحيث تعيش القصص. اكتشف الآن