الرّسالة الأخيرة~

58 6 12
                                    

🏹؛ تَم إرفاق أُغنية چُونغكوك بالأعلى، أُفضّل الاستماع لَها أثناء القِراءة.

النّجوم تُزيّن السّماء بينما عيناه لم تُفارق خلدها. تمنّت لو يُرفع عن كاهلها ذلك الثِقل مع نَسيم الهَواء البارِد الذي يحمل خُصلات شعرها تِجاه البَحر. تركُض و كأنّ هذه المرّة الأخيرة التي تركُض بِها. هاربةٌ من المَشفى هاربةٌ من واقِعها الّذي ملّت منهُ.

تذكّرت لقاءَهُما الأوّل تحت ضَوء القَمَر، سِيمفونية الطّبيعة الساحرة أمام عينيها و بقلبها. نداء الموج للنجاة على الشاطئ، و نداء قلبها للنجاة من الموت. تذكّرت تِلك اللّيلة الّتي جعلَتها تتيقّن بأنّها تُحبّه عِندما اشتاقت لنجوم عينيه بينما تتأمّل نُجوم السّماء.

تذكّرت لمساتُه، و كيف شعرَت حينَها بأنّ النّجوم تتراقَص على بشرتِها، و كيف تنسى و هو وحده من أسر فكرها و قلبها، ذهب ساحبًا روحها تاركًا لها ما تبقى من ذِكرَيات.

تحتضِن الرّمال قدميها بينما تتمشّى ببُطئ تتخيلُه بالأرجاء، تتذكر كُل تفاصيلُه الّتي كانت تُزيدها فوق حياتِها حياة. و أنّى لصاحب الحياةٍ حياةً دون مانحها؟

لا تستطيع التّأقلُم، سئمت من وَضع قِناع اللا مُبالاة و كُل انشٍ بِها يُبالي. هل يعلم أحد بهذا؟ لا قاطعة. صارت تُخبر الجميع أنها دوت بخير بعد كُل تلك الأحداث الصاخبة، لكن هل هي بِخير حقًا؟ لا. ذلك ما تُجيده، الكذب عن كُل ما بخاطرها. هكذا كانت و هكذا سوف تكون دومًا.

تذكّرت آخر موعِد لَهما و كيف رحل و لم يعود، كيف كذب و خان الوُعود.

"فقط حضّري بعض الشّطائر نُوڤا، سأَعود بعدَ قليل، أعدُكِ" ظلّت تتَكرّر هذه الجُملة في خلدها، لمَ كذب؟ لمَ و هو يعلم أنّه لن يعود؟

تتذكّر كيف كانَت تتساقط الدّموع من عينيها بقدر كُل ألمٍ و غُصة شعرت بِها بين حُروفه. تتذكّر كيف كانت تَرتعش أنامِلها بينما تلتمِس كلماتُه. كَيف و مَتى و لمَ، مَلايين الأسئلة مَجهولة الإجابة لها حَتى الآن.

تتذكّر كلماته المُستنجدة و المُودعة. تتذكّر كُل حُروف الرّسالة الأخيرة.

"إلى: نُوڤا.
أنا آسِف.

لم أعلم إلى أي حدّ سيظلُّ هذا الألم، هذه الوِحدة؟ لقد عانَى مَن قَبلي، و سيُعاني مَن بعدي لكنّني ذلك الضّعيف الّذي سئم من المُواجهة و التصدي. و لأيّ مِن الأمور أتصدّى و عينيّ أصبحت تُذرف دماءً بدلًا مِن قَلبي؟

أصبحتُ أستيقظ لأرتدي قِناع القُوة، أدفن ما يُؤرقني بقَلبي. أُساعد مَن يُريد، و أمنح تلك البَسمة لمَن يستحقّ و أستطيع أن أقسم لكِ أنا كُل إنشٍ بداخلي يستنجد.

الأمر أمثل بالدّوران في الفَراغ، فخلدي فارغ و قَلبي لا يشغله سِواكِ. تمنّيتِ و لقَلبي ما يتمنّى لكنّني أبدًا لا أُريد أن أسحبكِ إلى ظُلمتي.

يا صَغيرتي إن سُحبتي، هُلكتي.

أنا حقًا ذلك الفاشل الّذي يظُن أنّه يُجيد لكنّه يُفسد كُل شئ، أنا حقًّا سئِمتُ و لا أُريد أن أرى العالَم أجمَع يُنفر مِني.

لذلك..
أظنُّ أنّهُ حان وقتُ الوداع، الوَداع الأَخير.

أتمنّى أن تجدي من هُو أفضل منّي، من هو جيدٌ كِفاية لكِ، مَن يمنحكِ العالَم لا من يسلب أنفاسكِ. أتمنّى أن تجدي ما كُنتي تتمنّين وجودُه بي.

خاصّتِك،
چُون چونغكوك."

استفاقَت مِن شُرودها لتألّم أيسرها، علمت حينَها أنا قلبها قد سبق عينيها في البُكاء بالفعل. محَت دُموعِها برِفق بأطرافِها البارِدة، فمن كان يُدفِئُها قد رَحَلَ بالفِعل.

"أحتاجك، لكن لا أجدك.
أريدك، لكن لا يمكنني الحصول عليك.
أشعر بك، لكنك لست هُنا.
أستطيع سماعك، لكننا لا نتحدث.
اشتقت لك، لكنني لا أستطيع إخبارك.
و أن كُنت لا أستطيع مُقابلتك على الأرض،
أظنّ أنّهُ وقتَ الصّعود إليكَ،
ملاكي."

تمّت..

🎉 لقد انتهيت من قراءة ذِكرَيَات 🎉
ذِكرَيَاتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن