الحلقة الأولى

5.6K 235 11
                                    

النوڤيلا كاملة وهتنزل كلها النهاردة إن شاء الله
الحلقة الأولى

صباح جديد لا يحمل للبسطاء الكثير من التجديد . . مجرد يوم أخر يضيف لمعاناة حياتهم المزيد من الضغوط والمزيد من الإجهاد لأبدان أنهكت كليا .

قرية صغيرة بأحد محافظات دلتا النيل تلك المنطقة التي تزدحم بساكنيها بشكل أرهق كليهما .. زاد الفقر ومد أذرعه لتصل إلى أقصى المنازل وأكثرها بؤسا .

إن صحت تسميته بمنزل فهو ليس بمنزل ، ربما يظن من يراه للوهلة الأولى أنه حظيرة للحيوانات الريفية المعروفة لا يعلم صاحبها شيئا عن اساسيات الأمان .

حوائط قصيرة يسهل تسلقها .. باب متهالك سيسقط لدفعة قوية من الرياح دون أن يدفعه بشر .. وسقف تجمعت فوقه عيدان الخوص وبعض الألواح الخشبية متعدد الفتحات لا يقى حرارة شمس ولا يمنع خزات المطر .

مع الاقتراب قليلا لن تلحظ الروائح النابعة من أماكن مشابهة .. لا يسود هنا سوى رائحة عبق الصباح الصيفى المحمل برطوبة خفيفة .

سعال متواصل يصدر عن شخص ما بالداخل لتتضح الرؤية اخيرا فهذا المكان اللاأدمى يعيش فيه بشر .

صوت يخرج من جسد اذابه المرض متحشرجا متقطعا : طيف .. يا طيف  كح كح

ويظهر من بين الزراعات هذا !! هذه الطيف التى تهرول فور سماع صوت والدها المريض غير عابئة بقطرات الماء التى تتساقط من ذلك الإناء الذى تحمله فوق رأسها دون أن تؤثر الهرولة على توازنه .

دفعت هذا الباب المتهالك لتجيب : ايوه يا ابا انى جيت اهو .

ليس صعبا على الاب رؤيتها فالمكان كله غرفة واحدة فقط مقسمة بعدة خرق كادت أن تبلى كليا استخدمت كحوائط بها ومربعين صغيرين يحوى أحدهما موقدا عفى عليه الزمن وعدة أوانى والآخر وهو المكان الوحيد الذى لازال بابه قائما مرحاض قديم الطراز لكن نظافته تجعله مقبولا .

دخلت لتضع الأنية أرضا فيتساءل : كنت فين يا طيف ؟
أشارت نحو حمولتها : الحكيم قال تشرب ميه نضيفة روحت جبت ميه من الفلتر الجديد اللى عملته اسمه ايه ده بتاع الانتخابات على اول البلد .

ابتسم عبيد رغم ضعفه الشديد لتبدأ ملء المياة : هسيبلك القلة جارك على ما اجى .. مرات الشيخ يونس وانى جاية قالت لي اروح اخبز معاها وهتدينى خمسين جنيه .. هعدى على السوق اجيب اى طبيخ واجى مش هتأخر .

اتجهت لذلك المطبخ لتعد بطبق يحوى قطعة من الجبن ورغيفا من الخبز وضعتهما أمامه : افطر علشان تاخد الدوا قبل ما اطلع

أمسك عبيد الرغيف وكأنه يعلم أنه الأخير ، قسمه نصفين مقدما لها نصيبا منه : مش هاكل لو ماكلتيش .

ردت كفه : انا هفطر على الخبيز .. كل انت بس

وضع القسمين رافضا لتجلس فورا وتتناول القسم الذى رفضته للتو فهى تعلم أنه لن يتناوله بدونها .

طيف السلطان بقلم قسمة الشبينىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن