دعوةٌ غامضة

1.9K 75 136
                                    
















يَنعمُ سُكانُ 'دورام' بطبيعتها الريفية الساحرة، و مناخها الذي تَكثرُ فيه الأيامُ المشمسة، فقَلما يهطلُ المطر، وحيثما نَقّلت بصرك، ستجدُ المناظر الخَلابة و الخُضرة الآسرة. كانت تلك المدينة الهادئة القابعةُ في شمال إنكلترا، على النقيض تماماً للجو الكئيب المُهيمن لعاصمة الضباب.

نَسماتُ ذلك الصباح الربيعي كانت تُبشر بطقسٍ مثالي. هذا ما خطر ببالِ 'لـويس' و هو يفتحُ النوافذ ليسمح للهواء العليل بالولوج لغرفة الجلوس. إن من حُسن الحظ أنه و شقيقه الأكبر، غيرُ مضطران اليوم للعودة إلى لندن -حيثُ يوجدُ منزلهم الرئيسي- و تفويتِ يومٍ صَحوٍ كهذا.

كان قَد فرغ للتو من إعداد الشاي، و سكبهِ في إبريقٍ مُنتقى بعناية مع الأكواب الخزفية المماثلة لتصميمه المُلفت، و قد رتب جرائد الصباح و البريد اليَومي على الطاولة ليكون في مُتناول يد شقيقه 'وليام'.  إختلس نظرة إلى الساعة الموضوعة بجوار الحائط، و إرتفع جانبيّ شفتيه في إبتسامة مُترقبة.

فُتح البابُ في تلك اللحظة، ليتَهلل وجهُ لويس، لم يتأخر شقيقه الأكبر عن موعد إستيقاظه المُبكر قط، حتى في أيام عُطلته، و حتى حين يقضي الليل بِطوله عاكفاً على العمل في أمر ما.

-صباحُ الخير، لويس.

إبتسامةُ لـويس النابعة من القلب، كانت حِكراً على شقيقه الأكبر، و لا يُظهرها لسِواه.

-صباحُ الخير، ني-سان.

كَعادته دوماً، يتهادى الأخُ الأكبر لـ لويس في رداء المنزل الفضفاض، ليتخذ مقعداً بِجوار النافذة، و يُجيلُ نظرة إستحسان على الطاولة التي جُهزت بعناية بالغة من أجله. رفع صَحْن الكوب الذي سُكب المشروب الساخن فيه للتو، يتصاعدُ بُخاره حاملاً عبقاً عِطرياً لمزيج من أوراق الشاي الفاخرة و رشّةِ الحليب.

-يَسُرني أن عُطلة الجامعة قد تزامنت مع إعتدال الجو، ستتمكنُ أخيراً من الإسترخاء لبعض الوقت، ني-سان.

إبتسم وليام بمرارة و هو يَرمقُ شقيقه الأصغر، الذي كان مُنهمكاً الآن بتقطيع شرائح اللحم البارد ليُقدمها مع طبق البيض المقلي للإفطار.صحيحٌ أن عُطلته من التدريس قد بدأت، و لكنه سينشغلُ قريباً في القضايا التي تجدُ طريقها إليه بصِفته 'مُستشار الجريمة'، في أفضل الأحوال، قد يتمكنُ من إلتماس الراحة لهذا اليوم فقط.

-شكراً لك. أرى أننا إستقبلنا الكثير من الرسائل؟

-أغلبُها دعواتٌ إجتماعية، فَكرتُ بأنك قد ترغبُ في الإطلاع عليها قبل أخذها لغُرفة أخي الأكبر ألبرت، و هناك رسالتين من الجامعة، و رسالة دعوة للمُحاضرة في ندوة عِلمية.

أخبرهُ لويس بإيجاز عن مُحتوى البريد، ثم وضع أمامه صَحْنُ الإفطار، بينما أخذ وليام يُقّلبُ الأوراق و يَتمعنُ في ما كُتب عليها. حتى إستوقفه شيء، إتسعت عيناهُ القرمزيتان بشكلٍ طفيف، و هو يَسحبُ ورقة من بين رُزمة الأظرف، من الواضح أن لـويس لم ينتبه على وجودها، فهي برقيةٌ إستترت خلف بقية الرسائل.

اللُعبة المُحرَّمةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن