دلني إلى طريق العودة

43 5 15
                                    

شارع مكتظ بالمارة، الناس يتدافعون هنا و هناك.
"هيه، انتبه أين تسير يا هذا "
قالتها ذات القبعة البنية، و هي تحاول شق طريقها خارج هذا الزحام.

تنفست الصعداء أمام زقاق فارغ.
التفتت يمينا ثم شمالا؛ كأنها تبحث عن شيئ ما.
"أوه، لا.. لقد ظللت الطريق!"

كانت تتحدث و هي تقضم أحد أصابع قفازاتها البيضاء.
مرت نسمات هواء طفيفة حركت فستانها الأزرق الفاتح، كان لونه سارا للنظر، و له قميص مخطط بالأبيض مع زرين كبيرين و حزام بذات اللون.

بينما كان كعبها أحمر فاتح، يميل إلى الوردي.
شعر قصير ممشوط بعناية،
ذا لون بنين غامق يكاد يصبح أسودا.

لوهلة قد تبدو طفلة صغيرة بملابس مبهرجة، خاصة مع تلك النظرة غير المستقرة على وجهها.
كانت ملامحها شاحبة.
ظلت تنظر برعب، قبل أن تخرج مصاصة دائرية مضغوطة؛ تشبه الصحن الطائر.
نزعت الغلاف بوحشية، قبل أن تنقض على فريستها و هي تلعق بنهم.

كانت تحاول تهدئة نفسها.
و الشيء الوحيد الذي يمكن أن يساعدها هو تناول الحلوى.
تناول أكبر قدر ممكن منها!

"اهدئي إيفي.. كل شيء سيكون بخير"
استرخت قليلا بعد أن همست لنفسها ببضع كلمات، لم تقوى حتى على نطقها بصوت عال.
استرجعت رباطة جأشها.
لتطلق العنان لقدميها كي تسير.

لم تكن سوى خطوات معدودة حتى تعثرت بكعبها العالي، و كاد وجهها يصفع الأرضية الرثة غير الممهدة.
سرعان ما استعادت توازنها بشق الأنفس.
تنهدت و أكملت طريقها باستقامة.

ما هي إلا بضع خطوات، و تعثرت ببلاط الأرض المكسور.
سقطت، ممددة على الأرض كأنها لا تنوي فك العناق.
بينما الشيء الوحيد الذي تحاول حمايته هو تلك المصاصة الكبيرة التي تشبه القرص.
كانت ترفع يدها التي تحملها لأعلى كي لا تلتقط الأوساخ.

حالما نهضت وضعتها في فمها، و باشرت في نفض الغبار عن ثوبها الأزرق.
كانت ملابسها و تصرفاتها تثير انتباه الناس من حولها و هم يثرثرون.
حاولت تجاهلهم، و هي تتابع سيرها في محاولة لإيجاد طريق العودة.

"كله بسببك تيدي.. الآن كلانا ضائعان"
ظلت تلوم نفسها و تلوم ذاك المدعو تيدي بسخط.
بعد مدة من السير المتواصل..

لا تزال تلعق المصاصة بروية كي لا تنفذ بسرعة.
تسير دون هدف محدد، فقط تلقي نظرة خلفها بين الحين و الآخر.

تشاهد البنايات حولها، لعلها تتذكر شيء قد مرت به.
لكن لا شيء، كان كل ما تشاهده جديدا عليها، و لم تمر به قط.
ترى كيف ستجد طريق العودة؟!
ظلت تطرح ذات السؤال على نفسها علها تجد جوابا.
لكن، كالعادة لا شيء يذكر.

دلني إلى طريق العودةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن