2.4K 178 479
                                    

"أكرهكم جميعاً، لا أريدُ رؤية أحدٍ منكم في حياتي بعد اليوم." صرخت بتلك الكلمات في وجوههم قبل أن تخرج من الباب صافعةً إياه بقوة، بينما الذين في الداخل لم يعطو لعنة للأمر الذي حدث وتجاهلوا صراخها المتألم يكملون مشاهدتهم للتلفاز وكأن تلك التي صرخت بألم وحرقة منذ لحظات قليلة ليست ابنتهم!

بينما هي كانت تمشي في الطريق منزلة رأسها بأسى شديد والألم يعتصر قلبها تتابعُ الأرصفة الحجرية التي أمامها بعينيها الحزينة. تتمنى أن تنزل دمعة واحدة من عينيها تزيحُ ذلك الألم عن صدرها، تكادُ تختنق من ذلك الشعور الذي يعتصر داخلها بقوة، من ذلك الألم الذي يجثم فوق قلبها مانعاً إياها عن التنفس.

ركلت حجرة صغيرة بقدمها وهي تفكر، خمسٌ وعشرون عاماً من حياتها لم يعطها أحدٌ الُحب الصادق، لم يتقبل أحدٌ وجودها حولهم، أسرتها كانت تكرهها وتكره رؤيتها وسماع صوتها حتى، أخوتها وأقاربها ومنذ أن كانت طفلة لم يحبوها يوماً أو يتكلمو معها، كانت كالشبح حتى وإن تحدثت تجاهلو كلامها وحديثها.

كان الجميعُ يمقت وجودها، لم تحصلْ على صديقة يوماً، لم يجلس أحدٌ بقربها في الفصل وعندما كانت تقتربُ من أحدهم يتفرقون عنها وهم يتحججون بأشياء سخفية، وكأنها فايروس سيقتلهم إذا بقوا لدقائق أخرى بجانبه! أصبحت تجلسُ بمفردها كل الوقت، في غرفتها، تخرجُ لإحضار أشياءها وتعود تجلسُ على هاتفها تقرأ، تفكر وتنهي يومها الممل بتعب مما يحصل، نائمة بخمول على سريرها.

جلستْ على أحد المقاعد في الحديقة وتفكيرها لا يزال يعمل ولم يتوقف، لم تعلم يوماً ما سببُ كره الجميع لها، لم تكن بتلك البشاعة ولم تكن ثقيلة الظل، لم تكره أحداً ولكن لم تكن تستطيع أن تفسر كرههم لها.

لم تعلم ما الذي فعلته ليكرهونها بهذا الشكل.

وقفت وهي تتجه لمكانها المفضل، تلك البحيرة الصغيرة التي توجد في زاوية بعيدة من الحديقة وقفت أمامها وهي تحدقُ بوجهها. خداها المُحمران بشكل دائم تمقته سواءٍ في الصيف أو الشتاء، شفتاها الكبيرة بشكل مبالغٍ والمتشققة كذلك بشكل تكرهه، عيناها ذات اللون الأسود القاتم جداً وحاجبيها الكثيفان وفكها ذو الشكل الحاد الذي يعطيها مظهراً قوياً لا يناسب شخصيتها المتألمة والمكسورة.

ابتسمت لنفسها ليظهر تقويم أسنانها، ذاك الذي يلازمها منذ اربع سنوات طوال، أسنانها المجتمعة بسبب تقويمها والتي تحملُ لوناً أبيض لا يلائم لون بشرتها السوادء.

أوه أنا حمقاء للغاية، نسيتُ أن أخبركم بذلك!! لقد كانت ذات بشرةٍ سمراء غامقة تميلُ قليلاً فقط للسواد بشكلٍ جذابٍ. وكان هذا غريباً في عائلتها ذات البشرة البيضاء والعيون الزرقاء الفاتحة. لكن لون بشرتها لم يكن قبيحاً، وهذا ما جعلها تتساءل أكثر عن سبب كره الجميع لها.

فتاة الشعر المجعد.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن