الفصل الاول"يومٌ منشود"

92 8 4
                                    

أصوات هامسة ، فتاة صغيرة قد تكورت على نفسها خرج منها بكاء صغيف
تحركت إليها لأحلس على ركبتي وانا اهمس"لا بأس أنا بجانبكِ سنخرج من هنا.."
شفتيها تقوست واترتجف وهي تردف" أمي، لقد قالها احدهم هناك"
"امسكي بيدي لنخرج"
دفعته بقوة ليسقط على الارض وكأن عضلات جسده وطوله الفارع قد طار بلمسه تلك الصغيرة
"لماذا لم تنقذها، لم قتلتها!"
أبتعدت خطوات واجلة للخلف رؤيتي غممت تمامًا ورأيت الفتاة تكبر ووجهها البرئ صار شيطانيا غاضبًا:
"أنت قتلت أمي"
تراجعت للخلف نحور منحدر ظهر فجأة من العدم ليتحرك تجاهها بخوف "لا تتراجعي اكثر ستسقطين"
ملامحها بم تلبث وتخولت لتلك الملامح الصغيرة التي غطتها الدموع لتهمس بصوت ضعيف: "أنت قتلتها، قتلت أمي..
كلا..لم أفعل، كانت حادثة.."
تراعت خطوة أخرى لتهمس..
قتلتها والآن قتلتني"
وسقطت من المنحدر..
هرول زاحفًا ينظر لها من أعلى المنحدر ليلمح جسدها في هيئة شابة، لم يلمح سوى شعرها البني وبؤرة الدماء التي تتسع حولها، وكلما اتسعت تلاشت احزائها شئ فشئ وصغر سنها حتى عادي رضيعة ملفوفة ببعض الكافولات..

"لماذا تخليت عني في الوقت الذي كان من المفترض فيه أن تتمسك بي!."
صوتها الذي ينتهي به كل شئ همس في اذنه عن قرب، ذلك الصوت الشي يستجديه ويعذبه في آن واحد تلاه بعض الهمس العنيف مجددًا
"قاتل.."
لينتهي كل شئ عكس ما بدء..
وينتهي حلمه الذي يتكرر عليه أكثر مما تتوافد عليه الصحافة فى مشفاه..

أنتفضت جفونه  بعدما أرتجفت كل تلك الفترة، وظهرت بؤرة عينيه المتسعة التي بدات تضيق رويدًا تظهر علي جانبيها إندماج نادر لتدرجات اللون البني الفاتح, أخذ يلهث بضع ثوان وهو يمسح على وجهه المتعرق الذي يشحب في كل مرة يرى فيه كابوس تلك الفتاة..
يتمني أن يجده حلا سحريا على الأقل يمكنه من معرفة من هي ولم صارت تلاحقه في أخلامه من شهرين ما إن عاد من خارج البلاد بعد دراسته للطب الحر فيها وقرر أستلام مقعده في مشفي ماكس.والده

نظر لسقف الغرفة ولشعاع الشمس الذي تسلل من الزجاج المزركش ليغمض عينيه بضجر كلما تذكر أن والده صمم تلك الغرفة بم يناسبه، فهو ينوى ترك المنزل واخذ مسكنا مستقل على اي حال، فمهما حاول، لن تصفو الاوضع بينهما..بالنسبه له..

دق الباب ليسمع صوت الخادمة من خلفه
"سيدي الفطور جاهز"
تحدث بضجر ينظر لهاتفه:
"جهزي القهوة وحسب"

أطلع علي هاتفه كشئ روتيني يفعله وقت استيقاظه، لم تجذبه كلمة 170 رسالة التي توسطت شاشة هاتفه وإنما شعر بالضجر من اولئك الذين أرسلوا له بعد عودته فقط وعلمهم بكونه الوريث لأنلاك والده ماكس، وهذا جعلهم يعلقون عليه الكثير من الآمال، او يتربصون لمحاولة التقرب منه..
دخل ليستحم وخرج ليرتدي ملابسه الرسمية وهو ينظر في المرآة لحدقتيه التي لازالت تضيق روديًا، يفسر ذلك طبيًا بأنه قام بمجهود عنيف او شاهد ما يخشاه ويهابه فتتسع حدقتيه لتوسع له مجالًا للرؤية، وتتسارع دقات قلبه ليزيد معدل ضخ الدماء في الأوردة لتهئ جسده للعراك، أو مجابه هذا الحدث العظيم، لكنه مجرد حلم!، كابوس يتكرر عليه كل حين بطريقة مختلفة يري فيها فتاة صغيرة أو أمرآة بالغة وكلاهما يُقتلان او واحدة منهما علي الأقل، وذلك الصوت يصرخ فيه بأنه قاتل!
هل هذا من ضغوطات العمل الذي يحاول تكريس ذاته له أم أنها مقتطفات من ذكرياته التي فقدها قبل بضعه أعوام ولذلك كلما فاتح فاميليا في الأمر أخبرته بقلق أنها مجرد هلوسات وأخبرته ان يشرب الأعشاب الطبيعية ليهدئ من زوبعة الضغوطات التي يتكلفها!
ألقى نظرة خاطفة علي هيئتة قبل أن يمرر أصابعه بين خصلات شعره العسليه ليجبر نفسه علي الهدوء قبل أن يخرج من غرفته وينزل الدرج المؤدي إلي الطابق السفلي حيث مائدة الطعام..
دخل غرفة الطعام الفسيحة التي احتلت الركن اليميني لباب القصر قبل أن يجلس إلى المائدة التي سبق وجلس عليها كهلًا تخلل شعره الأسود خصلات كثيرة بيضاء
أمتدت يديه ليلتقط كوب قهوته الذي كانت الخادمة تصبه من أجله قبل ان يسمع صوت الذي في مقدمة المائدة يردف
"سيكون أجتماع المجلس اليوم، سيتقرر تعيينك كمدير تنفيذي للمشفي"
قالها وهو يتفرس وجهه الشاب الجالس في مؤخرة المنضدة دون أن يحصل علي رد فعل منه ليكمل بصوتٍ حانٍ
"حضرت سيارة جديدة من أجلك، وأخبرت السائق أن.."
أبتسم القابع أمامه بسخرية ليقاطعه
"تروقني الثقة التي تتحدث بها"
خطف إليه نظره حادة بعسلية عينيه قبل أن يكمل ببرود "لن اقبل شئ من شخص مثلك، تفهم!"
أمتدت يد إلى جانب الشاب تضع طبقًا إضافيًا إلى الطاولة ليلمح نظرة العتاب في عينيها
إنه عمته،
"بالطبع ستكترثين لأخيكي من ابنه العاق ما الذي اتوقعه"
تحدثت عمته بهدوء ورجاء نحوه
"كريس أن أتيت منذ شعرين فقط وكل ما تفعله هو العذل واللوم لوالدك انت لا تعلم كم كان قلقًا عليك حقًا، ألا تستيطع تخطي ما حدث ابدًا؟"

"سأفيكما من اللوم إن توقفتما على التظاهر بهذا اللطف المصطنع، رجاء كفا يا عمتي عن التظاهر بالأكتراث لي لأن هذا يثير ضغينتي"
"نحن نكترث لك حقا يا كريس"
"لقد شبعت" قالها بحده وهو ينهض
ليسمعها تنادي بإسمه "كريس"
كان قد خرج لينزل درجات السلم في برود وحدة ليسير عابرًا الحديقة وهو يلقي نظرة خاطفة علي نافورة المياة والتقليم الدقيق لكل شجرة من شجيرات الحديقة وورودها..
............................

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Dec 09, 2022 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

عن شئٍ من الذكرىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن