ذكريات الطفولة

19 1 1
                                    


ذكريات الطفولة"                                                                     
لكل منا ذكريات خاصة، مضت وانتهت ولكنها مازالت تنبض بالحياة، قد تكون جميلة، وقد تكون مؤلمة،  ونتذكرها من حين لأخر، وتحي فينا مشاعر كادت أن تنسى، الذكريات هي التلفاز الوحيد الذي عليك أن تغمض عينيك لكي تشاهده جيداً. 
لا أعلم من أين أبدا، وماذا أكتب، حار فكري وقلمي، وتجمعت الكلمات بين مقلتي، وتاهت بي  خطواتي وعادت بي ذاكرتي الى الوراء،  الى ذلك الزمن الذي كنت أعيش فيه من غير قيود، ومن هم يثقلني، ومن غير أفكار ترهقني، الى زمن الطفولة. 
ياحنيني لتلك الطفولة ولأيامها، كل شخص لهُ ذكريات يحتفظ بها ما بين ثنايا الماضي، ذكريات مضت بلاعوده طوتها أغبره الحنين، 
وأشعلتها الاشواق حينما مر بي قطار الذكريات مسرعاً على انقاض ديار الأهل والأصحاب. 
يمر بي قطار الماضي الى تلك القرية الصغيرة الواقعة قرب نهر دجله التي  كانت تملؤها معالم الحياه. 
أنا الآن أقف امامها بعد فراق دام طويلاً،  الكثير من المشاعر تجتاح روحي لا أعرف هي مشاعر فرح برؤيتها ام حزن وأنا أراها بهذه الحالة،  أراها أمامي وأرى التعب والقهر قد غزى معالمها مثل عجوز قد غزت التجاعيد وجهها لكن على الرغم من ذلك لاتزال جميلة كما عهدتها دائماً. 
أسرح بخيالي بعيداً عن هموم الحياه، أفكار تأخذني الى دوامه الماضي، حقاً صدقوا عندما قالوا (نحن لانعرف القيمة الحقيقية للحظات العمر الا ان تغيب في اعماق الذاكرة). 
«نبكي ثم نسكت نحزن ونفرح، تمر اللحظات ولانشعر بها الا بعدما تنتهي، ما أصعب الذكريات!! حين تأخذنا الى عبق الماضي نسافر الى مسافات بعيده، عندما نعود نجد أنفسنا في دوامه المستقبل وقد فاتتنا محطه الحاضر نعيش فيه ونعيش لحظاته المعقدة والبسيطة،  المضحكة والمبكية في نفس الوقت، ليكون بلمحه البصر ماضي نشتاق اليه» 
هنا الآن وانا أقترب منها وقد كانت تبدو كالأرض الجرداء بعد أن كانت تزهو بألوان الحياه،  جميع البيوت ساكنه يملأها الحزن، يتردد الى مسمعي صوت الرياح يخترق زواياها كأنها تعزف لحن موسيقي حزين أشبه بصوت البكاء، أمر بجانب الساحة الرملية التي كانت مملؤة بضجيج الأطفال وهم يلعبون كره القدم مقابل ديوان عمي الشيخ، ادخل اليه لتلفت نظري لوحه كبيره يجتمع فيها جدي المرحوم مع عمامي العشره الذين منهم من توفي(رحمهم الله) ومنهم من لايزال يسكن هذه الأرض(حفظهم الله)،هذا الديوان  الذي كان مركز للتجمعات وشرب القهوة العربية،  أميل بنظري قليلاً ليصبح امام ناظري منزلنا، هذا المنزل الذي عشنا فيه طفولتنا ويحتفظ بذكرياتنا  والان قد سكن الظلام زواياه،  أنظر من حولي لأرى اوراق مذكراتي وهي تتناثر في الارجاء أجمعها، انفض منها غبار الزمان وأنا اقرأها واحده تلو الاخرى والدموع تلمع في عيني، كل سطر منها يعود بي الى الماضي الجميل،  كلما مررت بمكان ما الا و لي فيه ذكرى لا تنسى،  هنا اشعر ان كل الدروب تعرفني، كل الجدران تتذكرني كلما وقع نظري على زاويه من زواياها الا و قد وجدت نفسي في حيره،  الا واختلطت مشاعري بين فرحه اللقاء وحسره الفراق، بين تحيه الصمود والشموخ،  ونكسه الاهمال والاحباط. 
هنا حتى نسمه الهواء مختلفة،  حتى سمائها مختلفة وانا ارى القمر يزين سمائها والنجوم حوله تلمع تثبت الأمل والتفاؤل داخلك. 
أسير قليلاً في بستان المنزل الكبير يتوسطه  نافوره وشلال في الزاويه ومختلف الأزهار و الأشجار والنخيل منتشره فيها، لألحظ ازهار ذات لون أبيض مائل الى الزهري،  التقطها من الأرض، نعم هذه هي نفسها الازهار شجره المشمش الذي طالما قضيت معظم وقتي وانا أجلس تحتها واقرأ رواية «الف ليله وليله» أتذكر هنا تحت هذه الشجرة قد خبأت صندوق قبل عده سنوات، لأقوم الان بحفر الأرض وأخرج الصندوق الحديدي وأفتحه لأجد فيه مجموعه ألعاب بسيطة كنت العبها في طفولتي مع أخواني، ليلفت نظري ظرف قد زاد من فضولي لأفتحه و وجدت فيه مكتوب ( أنا ابنه الرابعة عشر من عمري سأكتب رسالتي للحياة التي لا أعلم ماذا خبأت لي من مفاجأت،  سأفتحها عندما أكون ابنه العشرون عاماً، الى ذلك الوقت سوف أحقق أحلامي وأصبح فتاه قويه ان شاء الله وقد كتبت أمنيات اخرى على الرغم من بساطه الكلمات الا انني شعرت كأنها كنز عظيم وجدته ما بين الخراب الذي حولي. 
في هذا المكان الذي كان يشهد على ثمار تعبي،
أنا الان ابنه الثانية والعشرون قد حققت جزء كبير من أحلامي ولا ازال  أسعى لتحقيق بقيه أحلامي بأذن الله  الذي كلما كبرتُ كبرت معي.
تأخذني قدمي الى داخل المنزل،يا ترى كيف أصبح بعد مرور كل هذه السنوات، يعتصر قلبي ألماً من هول المنظر كل شيء قد تحول الى رماد حتى اللوحات التي كانت تزين جدران المنزل قد تحولت الى سواد.

You've reached the end of published parts.

⏰ Last updated: Oct 04, 2021 ⏰

Add this story to your Library to get notified about new parts!

Childhood memories       ذكريات الطفولةWhere stories live. Discover now