(«مرآتي، مرآتي التي على الجدار. من أجمل أمرأة في البلاد؟»
وتجيب المرآة.
«بياض الثلج»
لكن الحيرة تضرب زوجة الأب، فبياض الثلج لم يكن امرأة أبدًا!)عندما كنا أصغر سنًا، شاهدنا -أو قرأنا- قصة بياض الثلج وزوجة الأب المهووسة. بياض الثلج كانت دائمًا فتاة جميلة. بيضاء كالثلج، بشفاه حمراء قانية كلون الدم، وشعر أسود كخشب الأبنوس.
في قصتنا، بيضاء الثلج مختلفة قليلًا، قد تظنون النص في الأعلى به خطأ. لكنه ليس كذلك!
هل سبق أن سمعتم عن الجندر؟
مرحبًا، معكم وهم، وأنا هنا لأحدثكم قليلًا عن جماعة من الناس الذين يعيشون بينكم. لكنهم لا يعيشون بينكم!
لا تقلقوا. لقد قرأتموها بشكل صحيح. وفي نهاية هذا الفصل، ستعرفون لماذا.الجندر مصطلح انجليزي مشتق من كلمة لاتينية تعني (الجنس)، والجنس المقصود هنا هو النوع البيولوجي الذي يولد عليه الشخص. لكن الجندر لا يقصد به (ذكر وأنثى)، بل يقصد به (رجل وامرأة) .
أشعر أنكم مشتتون. بالتأكيد هناك من يقول «ما هذا الهراء، أليس الذكر هو الرجل والأنثى هي المرأة؟»
حسنٌ. لا، ليسا نفس الشيء.
الجندر (النوع الاجتماعي).
منظمة الأمم المتحدة قد عرفت الجندر على أنه «مجموعة الصفات والخصائص التي يحملها الرجل أو المرأة كصفات مركبة اجتماعيًا، ولا علاقة لها بالاختلافات العضوية.»أي أن الجندر هو مجموعة الأدوار التي يخص بها المجتمع الرجل أو المرأة. مثل «الرجال عقلانيون، والنساء عاطفيات» و«اللون الوردي للنساء» أو«المرأة مكانها المطبخ» في الحقيقة، إن قواعد الجندر في مجتمعاتنا العربية -عادة- تخدم الرجل وتعزز امتيازاته على حساب المرأة. لكن، هذا أمر آخر سنتناوله في فصل لاحق.
نفهم من ذلك أن الجنس البيولوجي (ذكر وأنثى) منفصل تمامًا عن الجندر (رجل وامرأة).
-لماذا؟
عادة، ليس هناك اعتبار لهذا الاختلاف في مجتمعاتنا. ذلك لأن السائد أن «الذكر ينبغي أن يكون رجلًا، والأنثى ينبغي أن تكون امرأة» هكذا رسخ المجتمع ذلك، ولأن الهامش الأعظم من الناس لا مشكلة لديهم في هذا المفهوم. فالذكر -غالبًا- يعرّف نفسه على أنه رجل، والأنثى كذلك -غالبًا- تُعرّف نفسها على أنها امرأة.
إلى هنا يبدو كل شيء طبيعي.
-إذًا، ما دخل ذلك كله بقصة بياض الثلج؟
رغم أن الغالبية لا يملكون -عادة- مشكلة مع الجندر ومعاييره. لكن، هناك بعض الناس يعيشون جحيمًا بسبب هذه الأدوار النمطية البسيطة!هؤلاء الناس هم (العابرون جندريًا)
-ما هو العبور الجندري؟
بينما الجندر هو نظرة المجتمع للفراد، فالهوية الجندرية هي نظرة الفرد وتجربته الذاتية مع نفسه وإحساسه الداخلي حول جندره. وهذه النظرة يمكن أن تتوافق أو لا تتوافق مع جنسه البيولوجي الذي ولد عليه، أو مع المعايير الجندرية التي يفرضها المجتمع عليه وفقًا لجنسه البيولوجي.
ما يعني أن ذكرًا بيولوجي قد لا يستطيع أن ينظر إلى نفسه كرجل، والعكس مع الأنثى البيولوجية. وهؤلاء الأفراد الذين لا تتطابق هويتهم الجندرية مع جنسهم البيولوجي هم العابرون جندريًاإذا، فالعبور الجندري هو مفهوم يشير للأفراد الذين يملكون هوية جندرية تتعارض مع الجنس البيولوجي الذي ولدوا عليه. كأن تولد امرأة في جسد ذكر -كامل الذكورة- أو العكس -أن يولد رجل في جسد أنثى-.
وقد يوجد أفراد لا يصنفون أنفسهم لا رجالًا ولا نساءً، لأن المعايير الجندرية عادة تملك مفهومًا ضيقًا فيما يخص مفاهيم مثل رجل وامرأة.
-ليس جميع العابرين جندريًا يلجئون للجراحة.
في المجتمعات العربية، يعاني العابرون جندريًا من تعسف المنظومات الصحية والمماطلة في الإجراءات الورقية من أجل تصعيب رحلتهم التي هي صعبة من الأساس. فيلجأ بعضهم إلى الجراحات غير القانونية، والتي تتم داخل عيادات خارجية بدون تصريح، ما قد يودي بحياتهم أو يسبب لهم مضاعفات ربما تستمر معهم طوال حياتهم.أما عن البعض الآخر -وأتحدث هنا عن الذين يريدون إجراء الجراحة من الأصل- فيعانون بصمت، بسبب نظرات المجتمع لهم، ورفض ذويهم ومن حولهم لما هم عليه.
في الحقيقة، المرأة العابرة قد تتعرض للقتل أو للحجز القسري داخل المصحات العقلية. ولهذا قلت لكم أنهم «يعيشون بينكم. لكنهم لا يعيشون بينكم»
ذلكم لأن عليهم الاختيار دومًا، إما أن يكونوا أحرارًا في التعبير عن ذواتهم، ما يعني تعرضهم للانتهاك أو العنف طوال الوقت. أو التخفي والسعي جاهدين حتى لا يُكشف أمرهم، وهذا يعني معاناة نفسية وجسدية، وربما لا ينجحون في ذلك حتى.الآن فكروا معي. لو كانت بياض الثلج امرأة عابرة جندريًا، وليست امرأة بيولوجية. ما هو شكل الحرب التي كانت ستخوضها؟ هل كانت زوجة الأم ستكون هي الشريرة؟ أم أنها ستكون فقط الملكة التي تحافظ على العادات؟ وهل كانت بياض الثلج ستجد الأمير الذي يعطيها قبلة الحياة، أم أنها كانت ستبقى نائمة للأبد؟!
أنت تقرأ
أطياف قزح
Random«الأمر لن يحدث بالسحر، حيث نستيقظ ذات يوم ونجد أنه قد أصبح أمرًا عاديًا أن نُعبّر عن ذواتنا جهارًا. بل يجب أن نستمر في الحديث جهرًا حتى يصبح فعل ذلك أمرًا عاديًا.»