بقلم نهال عبد الواحد
إنّ الحبَّ الأول في الحياة غالبًا لا يُنسى، ومَن يقول غير هذا فهو يكذب على نفسه قبل أن يكذب على الآخرين، لكن لأكون صادقةً مع نفسي يجب أن يكون هذا الحبّ حبًّا صادقًا فمن المستحيل أن يحبّ الإنسان مرّتَين بصدقٍ؛ فشعور الحبّ الأول مستحيل أن يتكرر، فيه تحرّكت المشاعر وخفق القلب لأولِ مرّة. كنتَ أول بذور الحياة في صحراءِ قلبي الذي لم يعرف الزّراعة قبلك، لكن...
عُدتُ من شرودي ونفضتُ أفكاري الحمقاء بينما كنتُ أُمشّط شعري وإذا بيدي امتلأت بشُعيراتي المتساقطة، فتنهّدتُ بحزنٍ وأنا أتذكّرُ شعري في السّابق وقت كان أكثر طولًا وكثافة ساترًا ظهري كلّه، لكن...
لكنّي في نفس الآن زفرتُ بغضبٍ متذكرةً أحزاني وآلامي وكلّ ما مررتُ به وما أمرُّ به حتى اليوم من عدٍّ للأنفاس...
مددتُ يدي في إحدى الأدراج بنفس انفعالي، أخذت المقصّ وقمتُ بقصِّ شعري حتى لامس كتفيّ، نظرتُ بين هيئتي وبين خصل الشّعر المقصوص وأنا ألتقطُ أنفاسي، غير مصدّقةٍ ما فعلته فزفرتُ بضيقٍ. وبعد قليل وضعته على لوحة التّزيين ثمّ جمعتُ شعري للخلف واضعةً حجابي بعناية، عليّ الذّهاب إلى معرض الكتاب؛ فاليوم حفل توقيع آخر رواياتي ومعها ما سبقتها من رواياتٍ سابقة.
أمسكتُ بالكحلِ ثمّ تراجعتُ في نفس اللّحظة؛ فلا طاقة لديّ لوضع أي زينة، خاصةً بعد أن لمحت ثغرة جديدة احتلت جبهتي بوقاحة، زفرتُ بهدوءٍ كأنّها جبهة غير جبهتي، فعلى أي حال قد غادرني جمالي ونضارتي بلا رجعة، فقط سحبتُ سترتي تحسّبًا لأي تغيّر فجائي في حالة الطّقس.
وبالرّغم من أهمية اليوم بالنّسبةِ لي ككاتبة، لكن لا زال عقلي عالقًا فيما حدث بالأمس -إن كان قد حدث- لا أصدق نفسي أنّي لا زلتُ بسذاجةِ مراهقتي أعيشُ فقط في أوهامي وتخيّلاتي التي لم تفلح كتاباتي حتى الآن من التّخلّص منها، لكنّي في نفس الوقت أستمرُ في دفعه عنّي؛ فالحبّ والمشاعر الجيّاشة هي فقط لأخطّها بقلمي ليس إلّا.
خرجتُ من بيتي وأنا في حالٍ ليس بأفضلِ شيء، هبطتُ الدَّرج على قدميّ لكن استوقفني صوت فتح أحد الأبواب! إنّه هو! نفس الشّعور، التِّيه والخفقان! ثورة فوضى عارمة اجتاحت دواخلي، أغمضتُ عينيّ ثمّ فتحتهما عدة مرّات، فهمستُ بصوتٍ مسموع: إذن لقد كنتَ أنتَ بحقٍّ!
فردَّ هو الآخر بحالةٍ لم أعهده عليها: بل أنتِ هي الحقيقة، مَن رأيتُكِ في الشّرفة ليلة أمس وظننتُ أنّي أُهذِي وأنّها مجرد تهيّؤات!
إذن هو الآخر رآني ليلة أمس! لكنّه أخرجني من أفكاري متسائلًا باندفاعٍ تلقائيّ طلّت من ثغراته أشواقه: كأنّكِ بتِّ في بيت والدَيكِ ليلة أمس! وإلى أين تتجهين الآن؟ اليوم الجمعة قبيل وقت الصّلاة بقليلٍ؟
حاول لملمة كلماته الملهوفة -للأسف لم أتوقف عن هرائي وتحليلاتي المندفعة- فأجبتُ بتلقائية: لا، أنا عُدتُ للعيش هنا مع والديّ مذُ طلاقي...
أنت تقرأ
(حفلة توقيع) قصيرة By: Noonazad
Romanceقصّة من فصل واحد، بدأت بحفلِ توقيعٍ وانتهت بحفلِ توقيعٍ، لكن من نوعٍ آخر... 👈👈 القصة من فصل واحد فقط وبقية الفصول مراجعات (ريفيوهات).