الساعة الواحدة و خيبة فجرا..
تَذرفُ السّماءَ دموعًا باردة.. تحُطُّ بتكبُّر على جسدِ تلكَ الصغيرةِ التي تمشي حافيةَ القدمَين ، تُحاوطُ جسدها بيديها لعلَّ البردَ يُشفِقُ على حالها ولكِن هيهات...أخذَ المطرُ مأخذهُ منها مصحوبًا بدوِيِّ البرقِ و الرعد.
ما إنْ سمِعت الصوت حتَّى أجفلَت مكانَها، تُحِثُّ نفسها على المقاومة أكثَر ، تُذكِّر نفسَها بأنّها ليست تلكَ الضّعيفة بعد الآن..
أخَذَت تُكمِلُ المسيرَ في طريقٍ لا تعرفُ إلى أين تُؤدي نهايتَه..بتعابيرٍ باردة خاليةً من المشاعِر ، عسليّتاها قد إنطفأَتْ ، يُغطّي شعرُها معظم ما أبدعَ الخالقُ في رسمِه.
فجأَة ، تعالى صوتَ الرعدِ الذي حطَّ على قلبِ فاتنتنا يُرعبُ ما تبقّى منهُ في داخلها ، فراحَت تركضُ بهستيريّة غير آبهةٍ بالجروح في قدميها إلى أن شعرَت و كأنّها ريشة تتطايرُ في وسطِ ظلامٍ دامس..
فتحَت ذراعيها تُشيرُ بإصبَعِها إلى نجمةٍ في السّماء قد لمحتها أشعرَتْها بدفء ٍرُغمَ قساوةِ الأجواء..فارتسمَت إبتسامةٌ مُنكسِرة على ثَغرِها عندما لامسَ جسدها النحيلَ الأرض..ثمَّ أغلقَت عسليّتاها مستسلمة لمصيرها المكتوب فقد ضاقَت ذرعًا بهذه الدُّنيا و من فيها !!
بعدَ ليلَتانْ...
فتحَت هيليا عينيها لتجدَ نفسها في غرفةٍ فاخرة يطغى عليها الألوانَ القاتِمة ، يغلبُ عليها اللّون الأسود. أزالت بتعبٍ الغطاء عنها لترى بأنّ ملابسها قد بُدِّلَت و جروح يديها و قدميها قد ضُمِّدت..!
" ااااه رأسي...ما الذي أتى بي إلى هُنا ؟ يا الهي لما عُدتُ إلى هذهِ الحياةِ البائسة؟ لماااا ؟؟؟ "
كُلّ هذه الأسئِلة أخذت تدور في رأسها الذي يوشكُ على الإنفجار..!!
ثوانٍ..حتى خارت قِواها من جديد و كادَت أن تُلامس الأرض إلّا أنَّها قد أحسَّت بدفءٍ لطالما رغِبَت بامتِلاك هكذا شعور..
رفعَت عسليّتاها لتحُطَّ أبصارها على من حاوطَ جسدها الصّغير بينَ أحضانِه بشعرِهِ الغُرابِي و صقراويّتيهِ الحادة كفكِّه ، و ملامحهُ الباردة كبرودة يديهِ التي تُمسكها!
من بعدِ تواصُلٍ بصريّ دامَ لمُدّة..أشاحَت بوجهها للجهة الأُخرى بعدَ أن أحسَّت بوخزٍ في قلبها و كم أحبّت هذا الشُّعور الذي انطبع بتورُّد وجنتاها و عبوس كرزيّتاها..فكانت كُتلة من اللّطافة !إرتسمَ شبحُ إبتسامة على ثغره جرّاءَ شكلِها اللّطيف لكِن سُرعانَ ما أخفاها تحتَ قناع البرود و ساعدها على النُّهوض ، كاسرًا الصمت ذلكَ الوسيمِ بقولِه بنبرةٍ باردة :
" ما كان عليكِ النهوض من السرير لأنَّ وضعكِ الجسدي لم يتحسَّن بعد "
"من أنت؟ أينَ أنا؟ ماذا حصلَ لي ؟ و لمَ أحضرتني إلى هنا ؟؟؟؟ "
أطلقت عليهِ هذه الأسئِلة كزخِّ الرَّصاص فلم تكُن قادرة على جمعِ أنفاسِها من شِدَّة توتُّرها الظاهر في عيونِها رُغمَ برودة ملامحها..
"على رِسلِكِ يا صغيرة..."
لم يُكمل جُملتهُ حتى قاطعتهُ تِلكَ من نَعَتَها بالصّغيرة بصُراخ :
" لستُ صغيرةةة..لستُ صغيرةةة..لم أعُد كذلك..فقد قسَت عليَّ هذِه الدُّنيا حتّى أحسستُ بهشاشة عظامي و شيب شعري..قد ضقتُ ذرعًا بالجميع..لم يكُن عليكَ إعادتي للعذاب ..أهربُ من نفسي للمجهول عسى بي أنسى و لكن هيهات أن تخونني ذاكرتي ..أتركوني و شأني أرجووكم..أرجووووكممم"
أطلقتْ العَنان لِذرّةٍ من المكبوتِ بين حُطام قلبها حتى فقدت وعيها بينَ أحضانِ بطلنا البارد الذي ظلَّ يُراقبها و هي تصرُخ بملامح ثابتة..
لم يُبدي أيّ ردَّة فِعل فقد اكتَفى بحملِها ووضعها على السرير حتّى خرجَ من الغُرفة. أغلقَ الباب خلفهُ بإحكام مُسنِدًا ظهرَهُ على بابِ الغرفة زافرًا ما بقيَ في رئتيهِ من هواء.
كسَت ملامح الغضب و الحِدّة وجهه و كأنّهُ لم يكُن ذلكَ البارِد قبل قليل نابسًا:
" لِمَ..لِمَ هُنا يُؤلمُني..لِمَ بعدَ كلّ هذا الوقت أعود و أشعُر بنبضِ هذا القلبِ المَيّت ؟؟! لِمَ قد أتأثّر بصرخاتِ تلك الطفلة الموجِعة؟ "
و أخذَ يعتصرُ يسارَ صدرِه بقوّة و كأنّهُ عزَم على إقلاع فؤاده..
أنت تقرأ
بَعثَرَةُ القَدَرْ ..
Romanceجنغكوك و هيليا عاشقان منذ الطفولة..فرّقت المسافات بينهم و شاء القدر بعد سنينٍ عجاف أن يلتقيا !! تُرى كيف كانت حياتهم بعدَ الفراق ؟ هل نسى أحدهم الآخر و كأنّ شيئًا لم يكُن ؟ أم تغلّبَت نيرانُ العشقِ و أحرَقت بلهيبِها ذكريات الماضي؟؟ تابعوا أحداث القص...