الفصل الرابع

9.2K 359 4
                                    


فى اليوم التالى صباحاً

كان ميعاد سحر للخروج مع والدتها للتبضع من السوق ..وشراء بعض الأشياء التي تحتاجها للتزين فى ليلة الزفاف.. من مساحيق للتجميل واختيار فستانٍ جميل يلائم المناسبة ..كانت والدتها سبقت كالعادة فى انتظارها فى السيارة وعندما خرجت هي.. وجدت والدتها تتذمر بتأفف فخاطبتها قائلة :
- براحة ياماما لاتحرقينا قدامك !
رفعت عيناها اليها ناظرة بشراسة :
- انت كمان بتتريقي ياروح امك.. العربية عملتها معانا ومرادياش تتحرك .. هانروح السوق ازاي ؟واحنا ماحدش فاضي يوصلنا .
- يعني ايه بقى؟ انتي عايزاني احضر بفستان قديم بعد ماشوفت القرشانات بنات اخوكي ولبسهم اللى يجنن ..دا انا كنت اتقهر اكتر ماانا مقهورة.
هتفت عليها والدتها متناسية وقوفهم فى منتصف الشارع :
- نعم ياعنيا .. وانا ايه ذنبي انك مرضتيش تشتري معايا هناك فى القاهرة ولا كنتي موافقة تيجي اساساً ولا تحضري .
هتفت هي الاَخرى :
- وحصل وجبتيني على البلد دي غصب .. يبقى اتصرفي بقى وهاتيلي فستان يعجبني ماليش دعوة.
- لمي نفسك ياسحر واتقي شري .
- وان مالمتش ياماما هاتعملي ايه ؟
قالتها سحر باستنكار فتفاجأت بصوت رجولي خلفها يهتف  عليهن معاً بتقطع الكلمات :
- صلوا على النبي ياجماعة..انتوا هاتتخانقوا .
التفتت الاثنان علي مصدر الصوت ..فهربت الدماء من وجه سحر حينما رأته خلفها متكئ على سيارة والدتها.. بوجهٍ احمر من كثرة الضحك.. وهو يحاول جاهداً التوقف ولكنه لا يستطيع ..لعنت حظها ان يأتي هذا الغريب فى هذه اللحظة بالذات.. ليشهد شجارها اليومي مع والدتها .. التي تداركت نفسها سريعا وهي ترحب به:
- اهلا يارمزي يابني .. انت واقف هنا من امتي ؟
تقدم اليهم وهو ينظر إلى سحر قائلاً بلهجة مرحة:
- انا اسف ياجماعة على تطفلي بس انا سمعت الخناقة كلها !
قال الاَخيرة وعيناه تنطق بعبثية واستمتاع باغاظتها .. جزت على اسنانها منه فتابع :
- بس انا عندي حل دا لو يرضيكوا يعني ؟
سألت بغباء:
- حل ايه اللى هايرضينا ؟
مد براسهِ اليها بتسلية :
- الحل انكم تركبوا معايا اوصلكم بعربيتي للمكان اللى انتوا عايزينوا.
كشرت سحر باسنانها امامه تنوي الرفض ولكن والدتها سبقت :
- احنا مش عايزين نتعبك يابني معانا .. اصلنا هانروح السوق نجيب فستان لسحر.
نقل عيناه لوالدتها قائلاً بمودة :
- مافيش تعب ولا حاجة ياست سحر .. انا اساساً خارج مشوار ..فبالمرة اخودكم فى سكتي ..مش بقينا نسايب ولا انتوا هاتعتبروني غريب عنكم ؟
تبسمت رجاء بسعادة :
- لاطبعاً ازاي الكلام ده ؟ وعشان اثبتلك كلامي احنا موافقين ياسيدي .
تحرك بخطوته امامهم يقول :
- طب تعالوا بقى ورايا .. انا راكن عربيتى فى الناحية التانية من الشارع.
همت ان تعترض سحر ولكن والدتها كممت فمها :
اتنيلي على عينك واسكتي.. وتعالي خلينا نخلص مشوارنا .
جذبتها رجاء من يدها كالطفلة فوافقت سحر مضطرة ..
وبداخل السيارة وهي تسير بهم فى شوارع القرية قبل ان تقطع البوابة الرئيسية للبلدة والخروج منها على الطريق السريع .. كانت رجاء جالسة فى الامام تتحدث معه بأريحية ومكر وهي لاتخفى عليها نظراته فى المراَة الامامية نحو ابنتها الجالسة فى المقعد الخلفي.. والأخرى تدعي التغافل وهي تنظر من نافذة السيارة على المحاصيل الزراعية المنتشرة على طول الطريق :
- عجباكي الخضرة ياانسة سحر ؟
التفتت اليه مجفلة:
- نعم انت بتقول حاحة ؟
- بقول اني شايفك مركزة قوي فى النظر على شكل الزرع .. هو انتي بتحبي الخضرة اوى على كده بقى ؟
اجابت بتحفظ :
- يعني المنظر الاخضر مريح للأعصاب ودي عادي ان يلفت نظرى ويبسطنى عشان حياة المدينة اللى انا عايشة فيها.
بابتسامة غامضة:
- يبسطك .. كوييس اوى .
تمتمت بببلاهة :
- هو ايه اللى كويس قوي ؟!
جاءت الاجابة فى حفل العروس حينما وصل إلى مسامعها من احدى النساء انه يسأل عنها ويبدوا انه يفكر جدياً للزواج منها  ومع نظراته  وايمأته لها وضح للجميع انه يريدها للزواج .. مما ادخل السعاده والسرور بداخل قلبها .فهي ايضاً سالت عنه وتأكدت انه انه رجل محترم ويشكر في اخلاقه الجميع . .و رغم استفزازه لها  لكنه كان دائماً مايترك اثراً جميلاً فى قلبها ويشعرها باهتمامه انها مرغوبة.. وحينما وجدته يقف مع هاشم ابن خالها بحديث جدي ..طار قلبها من السعاده وتأكدت من صدق ماوصلها من اقاويل عن نيته للزواج منها .. بعد انتهاء الليله انتظرت منه ان يخبرها هاشم ولكن لم يحدث .. وحتى فى صباح اليوم التالى كان يتناول معهم وجبة الإفطار ويتحدث فى جميع الموضوعات ولم يذكر شئ حتى فقدت الأمل.. وظنت انه وهم وانتهى كجميع الأوهام التى مرت بها وقررت ان تنسى ولكن مع انتصاف النهار وبعد ذهاب العائله ل" صباحية العروسان " كانت " سحر " تجلس بالحديقة الخلفية وحدها تريح اعصابها وتستنشق بعض الهواء النقى لتفاجا بيد كبيره تربت على كتفها بخفه  :
- قاعده لوحدك ليه ياسحر ؟
شهقت مفزوعه من صوته :
- حرام عليك ياهاشم خضتنى .
ضحك بسماجه وهو يتناول المقعد ويقربه منها ليجلس امامه ... فنظرت هى حولها وتحدثت بريبه:
- انت جاى تقعد معايا هنا ليه ؟ انا ماصدقت اقعد لوحدى من الظيطه اللى فى بيتكم .
ابتسامه ماكرة بدت على وجهه ليردف:
- انا ماصدقت الاقيكى لوحدك عشان افاتحك فى اللى عاوز افاتحك فيه من زمان .
سالته مجفله :
- تفاتحنى فى ايه انا مش فاهمه ؟
زالت ابتسامته وهو يردف بجديه :
-انا ندمان يا" سحر " عشان سيبتك وفكرت فى واحده تانيه .. انا مش عارف ايه اللى عمى عنيا ؟ ازاى ماكنتش واخد بالى منك .ازاى ....
- استنى عندك وقف كلامك الغريب ده واسمعنى .
قالتها بمقاطعه وتابعت
- بقولك ايه ياهاشم .. ياريت توفر كلامك ده لنفسك .. لان انا ماسمحلكش .
- ليه ياسحر ؟ هو احنا مش بشر وبنغلط .. وانا غلطت وعايزه اصلح غلطتى .
نهضت سحر تردف بغضب :
- والله انت حر عايز تصلح غلطتك صلحها بعيد عنى لكن انا مش هاخون صاحبتى !

.....يتبع
#امل_نصر
#بنت_الجنوب

رحلة عسل حيث تعيش القصص. اكتشف الآن