في يوم ما من ايام الشتاء الباردة وقفت تلك الصديقتان تحت شجرة الكرز.كل منهما تنظر للاخرى و الالم جلي في عينيهما.
احداهما تبكي و الاخري تبتسم مخافة إقلاق الاخري و مواسية لها.
هما تعلمان جيداً ان هذا اللقاء ربما يكون الاخير.
و لذلك لا بد و أن تودع كل منهما صديقة عمرها و شقيقتها التي لم تلدها والدتها.
كل منهما ترى نفسها تمسك سكيناً و تقطع جزء من قلبها ، فتبكي عليه ثم تتركه مودعة اياه بلا عودة.
تقترب الفتاة من صديقتها فتعانقها مستمرة في الابتسام و بداخلها قلب فيه حرب تلتهب.
تفصل العناق ناظرة لصديقتها قائلة
"فراقنا يرسم جروحاً في كل ثنايا قلبي و بكائك يهشمه صانعاً منه قطعاً منثوره ، لا اريد الذهاب و قلبك منكسر ، ابتسمي بوجهي لعل ابتسامتك تشفي بعضاً من غليلي"فترفع الاخري رأسها ناظرة لصديقتها و مخبرة اياها بقدر وجعها قائلة ان لا حياة لها بدون وجه صديقتها.
و لكنها تعلم ان الفراق ليس إلا قرار من القدر و لا دخل لصديقتها فتبتسم لصديقتها مكملة حديثها قائلة انها لن تنسي ابداً لحظات قضتها مع صديقة عمرها فكانت تلك اللحظات اجمل لحظات حياتها.
و تبتسم علها ترمم جروح صنعها القدر في قلب صديقتها.
فتفترق الصديقتان و كل منهما عاهدت الأخرى علي الا تنسي ذكريات كانت هي زينة حياتها.
-----------------
بعد سنوات من الزمن و بعد مرور الاعوام عام بعد عام.
تمشي فتاة جميلة في حديقة من الحدائق المزهرة ، تشتم عبيق الزهور و تتأمل السماء الصافية و قرصها الذي ينير المكان و يملؤه بالدفيء.
تتجه نحو شجرة عريقة مليئة بالاوراق الخضراء و يتسع ظلها الذي كانت تقصده الفتاة ، لتجلس تحت الشجرة و تنظر لأبنتها التي تلعب مع اصدقائها و ابتسامتها تشق وجهها دلالة علي سعادتها.
تنظر في الارجاء لتعود اليها الذكريات عندما كانت تلعب هناك ، علي تلك الارجوحة عوضاً عن ابنتها و بجانبها صديقتها.
تنهض و تتمشي في المكان ، تنظر لكل زاوية من الزوايا و تبتسم مستعيدة الذكريات الطيبة.
وقفت و نظرت للساعة ثم اتجهت نحو ابنتها لتأخذها و يذهبان لتناول الغداء ، فتترك الصغيرة الارجوحة بإستياء و تمسك بيد والدتها و تمشي معها بينما تتذمر باستمرار.
لكن والدتها لا تلقي بالاً لها ، فما تبصره امامها ، اخذ كل انتباهها.
فصديقتها تقف امامها بشحمها و لحمها و عينيها كعيون من تبصرها تتلألأ ، تنذر بدموع شوق في طريق قدومها.
اقتربت الصديقتان من بعضهما البعض و كل منهما بيدها ابنتها التي تنظر لوالدتها باستغراب شديد.
لتقف الصديقتان امام بعضهما و دموع عينيهما فاضت و في نفس واحد ، تنطق كل منهما اسم الأخرى.
لتجيب الصغيرتان عندها و كل منهما معتقدة ان والدتها تناديها ، بينما والدتها تنادي علي من تُذرف الدموع شوقاً لها.
"و صديق صادق خير لك من مدينة كاملة من البشر"
أنت تقرأ
خير صديق.
Short Storyلم يكن الصديق ابداً ذاك الذي يصادق لمصالح و مكاسب فالصديق هو الذي اذا صادق كفاك عن الدنيا و ما فيها. وانشوت بدأ و انتهي في السادس عشر من ديسمبر.