البارت الثاني

6 3 7
                                    

إذا كنتِ أنتِ من يحب فاقرئي هذه التفسيرات وفكري هل أي منها ينطبق عليكِ، أو لأقل لكِ لا تفكري، ولكن انظري أيًا منها سيمسّ قلبك مباشرة ويجعلك تهمسين أو تهتفين بداخلك “آه ده أنا”.

يطلق علماء النفس والعاملون في المجال النفسي على هذه المشاعر من طرف واحد “تعلقًا عاطفيًا” أو “افتتانًا”. وهذا الافتتان تصنعه احتياجاتنا، حيث تكون لدينا احتياجات غير مشبعة، ونجد أو نتصور أن الشخص الذي نوجه نحوه هذه المشاعر يمكن أن يلبي هذه الاحتياجات لدينا، فنتعلق به. مثلاً تجدين أن هذا الشخص يعتمد عليكِ في كثير من الأمور ويستشيرك، مما يشبع لديكِ الاحتياج إلى الشعور بالأهمية والقيمة، أو يكون هو الموضوع الذي توجهين نحوه عاطفتك ورغبتك في الاعتناء بشخص آخر. وربما يكون شخصًا عطوفًا وأنتِ لديك احتياج إلى الحنان… إلخ.

قد يكون سبب هذا التعلق أو الحب من طرف واحد أنكِ تجدين في هذا الشخص صفات لأناس أحببتِهم في فترة مبكرة من حياتك. والنتيجة أنه يتحرك بداخلك شيء يدفعك إلى الافتتان والتعلق به. ولكن احذري لأن هذا التشابه -رغم أنه قد يكون حقيقيًا- لكنه أيضًا قد يكون ظاهريًا فقط. مثلاً ربما تكونين قد وجدتِ تشابهًا بينه وبين أبيكِ الذي تحبينه وتعتزين بشخصيته أو أحد أقاربك أو مدرس… إلخ.

أحيانًا يرجع سبب التعلق بشخص ما إلى أن به صفة تعلين من قيمتها، كالتدين أو الحنان أو الطموح أو الثراء المادي… إلخ. قد تكون مشاعرك حبًا للحب، أي لحالة الحب والمشاعر المصاحبة لها من ترقب وشوق واهتمام وغيرة. ربما تشعرين أن هذه الحالة تجعل لحياتك معنى، فأحيانًا نستعزب عذاب الحب من طرف واحد ولا نرغب في الخروج من هذه الحالة، لأنها تشعرنا بذواتنا وبأن لنا قضية نحيا من أجلها ونتعذب في سبيلها

في الحب الحقيقي يكون لدى كل طرف ما يحتاجه من الآخر وما يقدمه إليه. الحب الحقيقي أخذ وعطاء، يقول الأستاذ عبد الوهاب مطاوع -رحمه الله- في كتابه “افتح قلبك”: “الحب كائن حي يحتاج كالأزهار النادرة إلى رعاية مستمرة وخدمة متواصلة لكيلا تذبل أوراقه”، فكيف يحدث هذا لو كان الحب من طرف واحد؟

الحب الحقيقي يمنحكِ الأمان أن تكوني أنتِ بقوتك وضعفك، يوفر لكِ الشعور بالرضا عن نفسك وبأن لكِ قيمة في حياة شخص آخر، الحب الحقيقي يوفر لكِ الاحتواء. الحب من طرف واحد عذاب، فهو ناتج عن تخيلاتنا أو أحلام اليقظة، ونابع من الاستكشاف والترقب والقلق.

من أجل ذلك فإن الحب الحقيقي لا يكون إلا بعد حدوث المعرفة الجيدة بين الطرفين والمصارحة بينهما في كل الأمور. عندئذٍ يتسنى لكل طرف أن يتأكد أن الطرف الآخر يحتويه ويقبله ويُشعره بالأمان، وأن كلاهما قادر على تلبية احتياجات الطرف الآخر.

الحب الحقيقي يجب أن ينجح في اختبارات الحياة ويصمد أمام المشاكل المختلفة. الحب الناجح هو الذي يتفق فيه العقل والقلب أو على الأقل هو الذي يوافق عليه العقل ولا ينكره.

صعب أن تحب شخصاً لا يحبّك.. والأصعب أن تستمرّ في حبه رغم عدم إحساسه بكإذا رأيت ذئباً يقطف الزهور ثُمّ يرميها.. فلا تتعجب فإنَّ بعض البشر يقطفون قُلوب أحبتهم ثُمّ يدوسونها بِلا مشاعـر أو رحمة.مِن المؤلم أن تقف أمام المرآة فلا تتعرف على نفسك.. أن تنادي بصوت مرتفع فلا يصل صوتك.. أن تشعر بالظلم وتعجز عن الانتصار لنفسك.. أن تبدأ بالتنازل عن أشياء تحتاج إليها.. باسم الحب.مِن المؤلم أن تضطر إلى تغيير بعض مبادئك لتساير الحياة.. أن تضطر يوماً إلى القيام بدور لا يناسبك.. أن تضع أجمل ما لديك تحت قدميك كي ترتفع عالياً وتصل إلى القمة.حبيبي.. شـكراً لأنّك جرحتني بكلماتـك قبل رحيلك.. لأنّي حين أحنّ إليك اتذكر كلماتك فأكرهك.مِن المؤلم أن تتظاهر بما ليس في داخلك كي تحافظ على بقاء صورتك جميلة.. وأن تصافح بحرارة يداً تدرك تماماً مدى تلوّثها.. وأن تنحني لذل العاصفة كي لا تقتلعك من مكانك الذي تحرص على بقائك فيه.. وأن تبتسم في وجه إنسان تتمنّى أن تبصق في وجهه وتمضي.عندما تنتظر شخصاً ما لدرجه الجنون.. فإنّك حتماً ستفقد حلاوة لقائهِ بسبب إهماله.مِن المؤلم أن تعاشر أناساً فرضت عليك الحياة وجودهم في محيطك.. وأن ترفع رأسك عالياً فترى الأقزام قد أصبحوا أطول قامةً منك.. وأن تغمض عينيك على حلم جميل.. وتستيقظ على وهم مؤلم.. وأن تقف فوق محطة الحياة في انتظار ما تعلم قبل سواك أنّه لن يأتي أبداً

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Dec 19, 2021 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

أصعب حبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن