..

116 8 37
                                    

تجلس على كرسي مكتبها تنظر لكل شيء وقلبها يرفرف من السعادة وصولها إلى هذه النقطة تحقيق ما أرادته طوال حياتها، رؤية حلمها أمام عينيها جعلها سعيدة لمالا نهاية.

اخذت خطواتها لنافذة المكتب تفتح النافذة وترى الشارع المطلع عليه مرسمها، الذي كلفها الكثير للوصول إلى هنا إلى باريس حيث الفن والاناقة .

عادت ذاكرتها لتلك الليلة؛ عندما جاءتها والدتها تعلمها بخبر تقدم أحد الرجال لخطبتها وموافقة والدها دون علم منها، كانت كارثة بالنسبة لها و لفتاة لم تتخطى الخامس عشر من عمرها، ابتسمت لهذه الذكرى الأليمة وكيف لها أن حاربت كل شيء من مجتمع وعادات وتقاليد وزواجها المبكر.

رفعت شعرها القصير بيد واليد الأخرى ممسكة فيها كوب قهوة ترتشف منها وهي ترى ذلك البرج الذي بدأت أنواره تضيء شوارع باريس والفتيات بأناقتهم.

طرقات خفيفة لتتحدث لينا :

تفضل .

فتحت مارسيل الباب ونطقت :

لقد جاء طلاب المساء سيدة لينا .

حركة لينا راسها إيجابًا ووضعت كوب قهوتها جانبًا وغادرت مكتبها إلى غرفة الرسم المخصصة للتدريس، بخطوات واثقة وهي ترتدي ذلك البنطال ذو اللون البني الفاتح والقميص الأبيض وحذاء ابيض مرتفع قليلًا،  دخلت الغرفة ورحب بها طلابها من اعمار وجنسيات مختلفة.

منذ مجيئها إلى هنا لاقت شهرة كبيرة وأحبها الجميع، ارتدت المئزر المخصص لرسم، وبدأت إعطائهم الدروس بطريقتها الخاصة وتعليمهم ابسط الاشياء وأدقها.

وما كان من ذاكرتها سوى إعادتها لتلك الايام بدايتها في هذه المهمة وعملها هذا الذي تعبت من أجله وكثيرًا، عرضها لأول دورات الرسم الخاصة بها حيث ستحصل على نقد ومن مجهودها وتعبها.

فبعد تعلمها الرسم ذاتين ورؤية كل شيء ورسمه بطريقتها الخاصة تطور رسمها كثيرًا وبشكل ملحوظ حيث أصبح رسمها يقارب الواقع بشكل مرعب، حصلت على الكثير من النقد والذم والتحطيم لكنها لم تستسلم.

عاد ذهنها ذلك الموقف، عندما حصل والدها على رسوماتها..

***

دخل المنزل وكان يعلم ما يفعل وما يقوم به وبعد تعبها على تطوير رسمها لسنين طوال، جاء وهو يفتش كل جزء من دولاب غرفتها وهو يعلم ما يبحث عنه ليجده اخيرًا ملفها وفيه كل جهدها.

فتحه والذهول يعلوها غير مستوعبة مايحدث صرخ بها:

هل هذه لك ؟!

حركت راسها ايجابًا وهي تبتلع ريقها بصعوبة خوفًا على ما سيحل بها، لكنه لم يفعل شيء لها إنما أخرج كل الصور في الملف ومزقها أمامها، صرخت وبكت وحاولت تخليص ما تبقى من الرسومات من يده لكنه قام بمهمته على أكمل وجه: 

صراع مع الماضي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن