مصطفى

327 25 0
                                    

استيقظت نور في الثامنه صباحا على صوت بكاء والدتها التي لم تكن بخير بالمره يذكرها وضع هذا الشاب بوضعها منذ سنوات ليست بالقليله بالمره ولكن هذه الصوره لم تفارق بالها يوما وهي تجلس على احدى مقاعد الانتظار و تغطي ابنتها وتتساقط دموعها مع تساقط الامطار الغزيره وليس معها حتى ما يكفي لتصل لبيتها بامان وتترك هذا المكان الذي لا تعرف فيه احدا  حينها عرفت عفاف قيمة بيتها الصغير الذي احتواها بدموعها وضحكاتها وصرخات طفلتها و صوت زوجها الذي رحل عن دنياها وتركها لمواجهة مصيرها وحيده مع ابنتهم

اما عن نور فرأت دموع امها وسمعت شهقاتها ولكنها لا تعرف شيئا عن تلك الذكرى بالرغم من انها كانت في السادسه من عمرها الا انها لا تتذكر من طفولتها الا القليل و هذا ما يفسر ملامح الدهشه التي ظهرت على وجهها في ذلك الوقت : ماما ... في ايه بتعيطي كده ليه
ايه اللي حصل

ضمت نور امها وسط بكائها : يا ماما طب فهميني .. حد قالك حاجه ؟ خالو زعلك ؟

اجابتها عفاف بين شهقاتها : مفيش يا حبيبتي بس شكل الولد اللي تحت ده زعلني اوي معرفش ايه اللي وصله للشارع كده ولا اهله ازاي سايبينه كده  البيوت دي نعمه يا بنتي  طب هيعمل ايه في البرد ده  كده ممكن يحصله حاجه

جمعت ملامح نور بين شعور الشفقه على حالة الشاب وبين المفاجأه هل كانت امها تبكي بهذا النحيب من اجل ذاك المتشرد حقا ؟ فقط ؟

اكملت نور :  وانا كمان يا ماما زعلت عليه اوي بس انتي متأكده ان كل العياط ده
عشانه  محدش ضايقك يعني ؟

اكتفت عفاف بان تومئ برأسها بالموافقه فقط
اما نور فواتتها فكرة : طب بصي ايه رأيك نخليه يبات انهاردة في الاوضه بتاعة القرايه ؟

غرفة القراءه كانت المكان الاكثر خصوصيه لمدحت والد نور مجرد غرفه صغيره في الدور الارضي للعماره السكنيه التي يقطنون فيها كانت تحتوي على تلفاز قديم و بعض الكتب وملحقه بحمام صغير وكانت بمثابة صومعه له . انتقلت هذه الكتب لغرفة نور و نقلت نور ملابس والدها الى هذه الغرفه لتشعر برائحته فيها فهي الذكرى الوحيده الباقيه لها من والدها فهي حتى لا تملك صوره له و لا تتذكر ملامحه بدقه تتذكر صوته وطلته و حبه لها وعباراته التحفيذيه و احضانه وقبلاته لا تعلم كيف اتتها الفكره بان تدخل شخص لا تعرف اسمه حتى الى تلك الغرفه فاسرعت تنهي نفسها عن الفكره

و لكنها نفضت الفكرة من رأسها : لا لا مينفعش حد يدخلها بعد بابا

اجابت والدتها بملامح راجيه : ليه كده بس يا بنتي ده انتي كأنك نجدتيني بالكلمتين دول انا كنت ناسيه  الاوضه دي خالص دي حتى تبقى صدقه جاريه على روح ابوكي

شعرت نور بالغرابه : يا ماما ده احنا منعرفش اسمه حتى..

قاطعتها عفاف : يا بنتي الاسبوع ده في نوه و الدنيا تلج و هو شكله متبهدل خلقه يعني نسيب الواد يموت عشان منعرفش اسمه .. ما يمكن ربنا حطنا في طريقه وبعدين دي اوضه فاضيه مفيهاش غير تلفزيون خرده

"مجنوني : حب بلا ذاكرة"  (مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن